للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدم على المفعول الأول، وإما بمعنى الإصابة. وقوله: أرواحنا حال قدمت على صاحبها لنكارتها، وقيل: جمع لها وأضيفت إلى المنايا وهي اللحمة المشرفة على الحلق، ويؤيده رواية يد المنايا، فقد أخذ المعنى كله مع بعض الألفاظ أعني المنية، ومرادف الفراق، ومرادف لم يجد ومرادف النفوس أعني الأرواح، وحكم الشارح بأن أخذ المرادف ليس إلا في الأرواح، وأما الفراق والمنية والوجدان فمن أخذ بعض الألفاظ بعينه محل نظر، ولا يخفى أن بيت أبي الطيب أفضل حيث حصر اهتداء المنايا إلى الأرواح في دلالة الفراق عليها بخلاف بيت أبي تمام فإنه جعل الفراق دليلا على تقدير خبره المنية له مطلقا، وحيث أفاد أن لا موت مع الوصال؛ إذ لا سبيل للموت إلا حال الفراق.

قال الشارح: وقوله: فهو أبعد من الذم إنما هو على تقدير أن لا يكون في الثاني دلالة على السرقة باتفاق الوزن والقافية، وإلا فهو مذموم جدا، كقول أبي تمام:

يقيم الظّنّ عندك والأماني ... وإن قلقت ركابي في البلاد

وما سافرت في الآفاق إلا ... ومن جدواك راحلتي وزادي (١)

وقول أبي الطيب:

وإنّي عنك بعد غد لغادي ... وقلبي عن فناؤك غير عاد

محبّك حيثما اتّجهت ركابي ... وضيفك حيث كنت من البلاد (٢)

وهذا وفيه نظر؛ لأن المذمومة جدا مع الدلالة على السرقة مما لا ينبغي أن يخص هذا القسم الثاني، مما أجد فيه بعض اللفظ وكله، مع تغيير النظم، بل يجب أن يشرك بينه وبين القسم الثاني أيضا، فهذا القسم مع الدلالة على السرقة أيضا أبعد من الذم من القسم الثاني، فلا حاجة إلى تقييد قوله، فهو أبعد مما إذا لم تكن دلالة على السرقة، وأظن أنه سها في هذا المقام حيث قال المصنف في الإيضاح في هذا المقام: واعلم أن من هذا الضرب ما هو قبيح جدا، وهو ما يدل على السرقة باتفاق الوزن.


(١) البيتان في الإيضاح: ٣٥٢ لأبي تمام. الأماني معطوفة على الظن. جدواك: عطائك.
(٢) البيتان في الإيضاح: ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>