للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة جذوة نار تضيء في كلامه، أو استفاد علم البيان من أحدهما (فهو أن يضمن الكلام) نثرا كان أو نظما (شيء من القرآن أو الحديث) والمراد من القرآن أو الحديث أعم منه، ومن التغير تغيرا يسيرا بقرينة قوله ولا يضره التغيير اليسير، فلا يرد أن (إنا إلى الله راجعون) ليس قرآنا وليس حديثا، مع أنه تضمين (لا على طريقة أنه) أي ذلك الشيء (منه) أي من القرآن أو الحديث يعني على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه يخلو عن النقل والرواية، فلا يقال: قال الله أو النبي كذا أو في القرآن أو الحديث كذا، وهو إما من القرآن أو الحديث وكل منهما إما في النثر أو النظم، فالأول (كقول الحريري: [فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب، حتّى أنشد فأغرب] (١)، والثاني (كقول الآخر: [إن كنت أزمعت) أي عزمت (على هجرنا من غير ما جرم فصبر جميل]

وإن تبدّلت بنا غيرنا ... فحسبنا الله ونعم الوكيل) (٢)

والثالث (مثل قول الحريري: قلنا: شاهت الوجوه، وقبح اللّكع ومن يرجوه) (٣)

فإن قوله: شاهت الوجوه لفظ الحديث على ما روي «أنه لما اشتدت الحرب يوم حنين أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم كفا من الحصاء فرمى به وجوه المشركين وقال شاهت الوجوه» (٤) أي قبحت بالضم من القبح نقيض الحسن وقول الحريري: وقبح اللكع على صيغة المجهول، من قبحه الله أي أبعده عن الخير، واللكع كصرد اللئيم، والعبد الأحمق.

(و) الرابع مثل (قول ابن عباد قال) أي الحبيب (قال لي إنّ رقيبي طيّب الخلق فداره) من المداراة وهي المجاملة والملاطفة وضمير المفعول للرقيب (قلت:

دعني وجهك الجنّة حفّت بالمكاره) أي دعني ولا تفضحني فإني أعلم أنه لا بد من


(١) انظر الإيضاح: ٣٥٩.
(٢) البيتان لأبي القاسم بن الحسن الكاتب. أزمعت: عزمت. والاقتباس في البيت الأول من الآية رقم ١٨ من سورة يوسف، أو الآية ٨٣ من سورة يوسف أيضا، وفي البيت الثاني من الآية ١٧٣ من سورة آل عمران.
(٣) انظر الإيضاح: ٣٦٠.
(٤) صحيح، أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع، والحاكم عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>