للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسداد الثغر بالكسر لا غير سده بالخيل، والرجال والثغر موضع المخافة، من فروج البلدان، والمعنى أضاعوني في وقت الحرب، وزمان سد الثغر، ولم يراعوا حقي أحوج ما كانوا إلىّ، وأي فتى: أي كاملا من الفتيان أضاعوا، وفيه تقديم وبدون التنبيه، فكقول الآخر:

قد قلت لمّا أطلعت وجناته ... حول الشّقيق الغضّ روضة آس

أعذاره السّاري العجول توقّفا ... ما في وقوفك ساعة من باس (١)

المصراع الأخير لأبي تمام.

وأما تضمين ما دون المصراع كقوله:

كنّا مع الدّهر في بؤس نكابده ... والعين والقلب منّا في قذى وأذى

والآن أقبلت الدّنيا عليك بما ... تهوى فلا تنسني أنّ الكرام إذا (٢)

ولا بد هنا من تقديرنا في البيت، لأن المعنى لا يتم بدونه بخلاف قول الحريري فإنه لا يحتاج إلى تقديره، فتضمين ما دون البيت قسمان: تضمين بعضه مع تقدير الباقي، أو ما لا بد منه، وتضمينه بلا تقدير، ولا يخفى أن حسن التضمين بأن يكون المتضمن مما تميل إليه الطباع، وتألفه وتتأنس به، إما لشهرته أو اشتماله على مزايا بديعة، وكون صاحبه ممن يعتد بكلامه، ويشتهي سماع مقاله.

(وأحسنه) ما يتصرف فيه لكن لا في لفظة، لأنه إن كثر لا يبقى مضمنا بل ينقلب سرقة، فالأولى الحفظ عن يسيره أيضا ليكون أبعد عن السرقة، بل في معناه بإيداع نكتة في لفظ المضمن كما يشير إليه قوله:

(ما زاد على الأصل بنكتة) ولطيفة (كالتورية) وقد عرفتها (والتشبيه في قوله) أي قول صاحب التحفة:

[إذا الوهم أبدى] أي أظهر [لي لماها] أي شربة سواد اللون وشفتها أو سمرتها،


(١) البيتان لأبي خاكان أبي العباس أحمد بن إبراهيم. وجناته: خدوده. الشقيق: ورد أحمر، استعارة لموطن الحمرة في خده. الآس: الريحان. وروضة الآس: استعارة للشعر الثابت في جانبي وجهه.
العذار: الشعر النابت في جانب الوجه مما يلي الأذن. انظر الإيضاح: (٣٦٣).
(٢) انظر الإيضاح: (٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>