للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القاموس: اللمي مثلثة اللام سمرة الشفة أو شربة سوداء فيها، وهذا لأنخ عن وصمة فلذا أسند إبدائها إلى الوهم الذي شأنه الكذب ([وثغرها تذكّرت ما بين العذيب]) تصغير عذب، والعذب: المستساغ من الطعام والشراب، أو أعذب تصغير ترخيم، والأعذبان البريق والخمر [وبارق] أي الثغر الشبيهة بالبرق، يعني ما أبدى لي وهم شفتها وثغرها، وأدرج في إبداءها شائبة يقص في شفتها تذكرت ما بين ريق فمها وثغرها، من لسانها الذي تلذذت به، وبمصها، ودفعت ما في إلقاء الوهم من التردد في كمال حبها.

وجعل الشارح العذيب بمعنى الشفة، وما بين العذيب وبارق بمعنى البريق، ولعل ما ذكرنا أعذب ([ويدكّرني]) الوهم من الإدكار [من قدّها ومدامعي] بيان لما بعده قدم عليه [مجرّ] مفعول يذكرني [عوالينا] جمع عالية وهي أعلى القناة أو رأسها أو نصفه الذي يلي السنان [ومجرى السّوابق] (١) أي جريان سوابق الخيل يعني يذكرني الوهم قدها ومدامعي الجارية كسوابق الخيل الذين جروا الرماح، ففيه تشبيه تمثيل، لصورة قدها الساكنة في العين المضمة بالمدامع الجارية للعوال، فنعما تضمين هذا التشبيه بمجاوزة خيال القد في المد، مع فقد زاد الشاعر في البيت الأول على الأصل بالتورية، ونعم التورية إذ لا تورية أروج مما هي في بيان حال المهوية، سيما حال ذكرناها، وفي الثاني تشبيه النبية الذي ظهر بالتوجيه الوجيه الذي له فضل عند ذويه، إذ الأصل بيت أبي الطيب في مطلع قصيدة له أعني:

تذكّرت ما بين العذيب وبارق ... مجرّ عوالينا ومجرى السّوابق

والمعنى: أنهم كانوا نزولا بين هذين الموضعين المعروفين وكانوا يجرون الرماح عند مطاردة الفرسان، ويسابقون على الخيل فيما بينهم، مفعول تذكرت أبدل منه مجر عوالينا أو ظرف تذكرت أو ظرف مجرو، وقد جوز تقديم الظرف على المصدر، والمفعول مجر، وعرف بهذا أن التضمين نوعان: ما بقي فيه المضمن


(١) لما هو: سمرة باطن شفتيها. ثغرها: مقدمة أسنانها. العذيب. وبارق: موضعان في الأصل، والأول تصغير عذب، وهو الريق والعذوبة من أوصافه مرادا به الشفة وهي محله، والثاني وصف بمعنى لامع، وما بينهما كناية عن الريق، وهو الذي يتذكره بعد الوهم. قدّها: قامتها. وفي البيت الثاني تشبيه ضمني.
وانظر الإيضاح: (٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>