للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بال من أوّله نطفة ... وآخره جيفة يفخر (١)

أي: ما سبب افتخاره وقوله يفخر، حال (عقد قول علي رضى الله عنه (ما لابن آدم والفخر وإنما أوله نطفة وآخره جيفة) وقوله: والفخر مجرور مفعول معه، وما بالك والغضب، فإن قلت: هل ليس لابن آدم إلا أوله نطفة وآخره جيفة؟ قلت: نعم لمن يفتخر فتأمل.

ومما عقد من المثل قول الشاعر:

البس جديديك إنّى لابس خلقي ... ولا جديد لمن لا يلبس الخلقا (٢)

عقد المثل لا جديد لمن لا خلق له، أصله ما قالته عائشة رضي الله عنها وقد وهبت مالا كثيرا، ثم أمرت بثوب لها أن يرقع بضرب في الحث على استصلاح المال.

واعلم أن عائشة رضي الله عنها أمرت بترقيع ثوبها لتلبسه وتنفق مالها في سبيله تعالى، وأراد بقوله: لا جديد لمن لا خلق له أنه لا جديد من حلل الجنة لمن لا خلق له في الدنيا، ولم يعرف الناس معنى كلامها، فاشتهر في غير مرامها، وصار مثلا، والله تعالى أعلم.

(وأما الحل) وهو في اللغة الفتح ضد العقد، وفي النظم ارتباط كل جزء بآخر بحيث لا يمكن أن يتأخر أو يتقدم، فكأنه عقد كل ما لآخر بحبل بخلاف النثر؛ فإنه لا اتصال بهذه المثابة، فنثر النظم حل عقد الارتباط.

(فهو أن ينثر نظم) قال المصنف: وشرط كونه منقولا؛ لا أن يكون سبكه مختارا، لا يتقاصر عن سبك النظم، وأن يكون حسن الموقع مستقرا في محله، غير قلق، أي: غير مضطرب هذا ولا وجه لتخصيص هذا الاشتراط بالحل دون العقد.

(كقول بعض المغاربة: [فإنه لما قبحت فعلاته وحنظلت نخلاته] (٣)

أي: صارت ثمرات نخلاته كالحنظل في المرارة ([لم يزل سوء الظّنّ يعتاده]


(١) البيت في الإيضاح: (٣٦٥).
(٢) البيت في الإيضاح: (٣٣٦) بلا نسبة. الخلق البالي الرث من الثياب.
(٣) انظر الإيضاح: (٣٦٦). حنظلت نخلاته: أثمرت ثمرا رديئا مرّا، والمراد: ساءت أعماله وآذت.

<<  <  ج: ص:  >  >>