للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي يعوده إلى تخيلات فاسدة، وتوهمات باطلة [ويصدق توهّمه الذي يعتاده]) أي جعله من عاداته يقال: اعتاده أي جعله من عادته، فيعمل على مقتضى توهمه. (حل قول أبي الطيب:

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدّق ما يعتاده من توهّم) (١)

يشكو سيف الدولة واستماعه لقول أعدائه أي إذا قبح فعل الإنسان قبحت ظنونه، فيسئ ظنه بأوليائه وصدق ما يخطر بقلبه من التوهم على أصاغره، وكونه موضحا لما في النظم، مفسرا له، يزيده حسنا.

(وأما التلميح) لمح إليه كمنع اختلس النظر كألمح البرق والنجم لمعا، والمراة من وجهها أمكنت من أن تلمح، تفعل ذلك الحسناء ترى محاسنها ثم تخفيها، كذا في القاموس، فأخذ أرباب الصناعة التلميح بمعنى النسبة إلى اللمح بأحد المعاني، لأن الكلام المملح محل اختلاس النظر إلى المعنى المشار إليه، ومحل لمع المعنى المشار إليه كلمع البرق الخاطف، ومحل دلالة المعنى المشار إليه. وقد جعل الشارح العلامة التلميح أيضا اسما له، وهو في اللغة الإتيان بشيء مليح، وهو غير مشهور، بل لم يعثر الشارح عليه، حتى أنكره وخطأ العلامة، والاحتياط التوقف، فإن العلامة يبعد أن يسوي بينهما من غير أن رآه في كتاب أو سمعه من ثقة.

(فهو أن يشار) في فحوى الكلام (إلى قصة أو شعر) وزاد الشارح: أو مثل سائل، ولا يخفى أن منه الإشارة إلى حديث أو آية، كما يقال في وصف الأصحاب رضي الله عنهم: والصلاة على أصحابه، الذين هم نجوم الاقتداء والاهتداء، فإن فيه تلميحا إلى قوله صلّى الله عليه وسلّم (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وكقول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف

فإن فيه تلميحا إلى قوله تعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٢).

(من غير ذكره) راجع إلى المشار إليه، المدلول عليه، بقوله فهو أن يشار إلى


(١) البيت أورده القزويني في الإيضاح: (٣٦٦).
(٢) الكافرون: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>