للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصة أو شعر أو إلى واحد من المذكور المستفاد من كلمة [أو] وأقسام التلميح على ما ذكره الشارح ستة، وعلى ما ذكرنا ثمانية، ثالثها ما في النظم من الإشارة إلى القصة (كقوله) أي قول أبي تمام:

لحقنا بأخراهم وقد حوّم الهوى ... قلوبا عهدنا طيرها وهي وقّع

فردت علينا الشّمس واللّيل راغم ... بشمس لهم من جانب الخدر تطلع

نضا ضوؤها صبغ الدّجنّة وانطوى ... لبهجتها ثوب السماء المجزّع

(فو الله ما أدري أأحلام نائم ... ألمّت بنا أم كان في الرّكب يوشع) (١)

فوضع الضمير في أخراهم للأحبة المرتحلين أي: لحقنا بمن تأخر منهم وحوم الهوى أي أطار الهوى قلوبا عهدنا أي عرفنا طيرها، وهي وقع جمع واقع، أي ساكنة غير طائرة يعني وجدناهم حين لحقنا بهم تدور قلوبهم حول الهوى، ولا تسكن على خلاف ما عهدناهم، فردت علينا الشمس حال كون الليل راغما مظلما، كأنه من ظلمته مختلط بالرغام والغبار، أو حين كونه دليلا مشرفا ما على الزوال من ظهور الشمس، والباء في قوله: بشمس لهم للتجريد أي ردت الشمس بشمس لهم أي شمسهم بحيث يجرد فيه منه شمس ردت علينا من جانب الخدر أي من وراء الستر تطلع، والخدر كالستر، ستر يحد في ناحية البيت للجارية، وكل ما واراك من بيت ونحوه، نضا أي أذهب ضوءها صبغ الدجنة أي الظلمة، من وجه السماء وأزالها يقال: نضا الخضاب ذهب لونه، وكأنه بالباء وجعل صبغ الدجنة منصوبا بنزع الخافض، والمجزع والمتجزع اسمي مفعول من الإفعال والتفعيل، كل ما فيه سواد وبياض يريد سواد الظلمة وبياض الكوكب، وصف نجومه بالأحبة المرتحلين وطلوع شمسه بوجه الحبيب من جانب الخدر، في ظلمة الليل، ثم استعظم ذلك واستغرب وتجاهل تحيرا وتدلها وقال: أهذا حلم أراه في النوم الأول أم كان في الركب يوشع النبي عليه السّلام؟ !

(أشار إلى قصة يوشع) بن نون فتى موسى عليه السّلام (واستبقاؤه


(١) حوّم الهوى قلوبا: جعلها تحوم وتدور حول الحبيبة. طير القلوب: خواطرها وما يخالجها، مجازا. وقع:
سواكن ثوابت، واحدها: واقع. وإذا سكنت خواطر القلوب سكنت القلوب وثبتت. والأبيات في الإيضاح: (٣٦٧) لأبي تمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>