للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس) أي طلبه وقوف الشمس فإنه روى أنه قاتل الجبارين يوم الجمعة فلما أدبرت الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم ويدخل السبت، فلا يحل له قتالهم فيه، فدعى الله فرد له الشمس حتى فرغ من قتالهم، ولا يبعد أن يجعل قوله: أم كان في الركب يوشع من قبيل رب حائم أي من رد بدعائه الشمس، وأحسن ما يشار به إلى القصة أن يكون فيما أنت نظائر خصوصيات القصة، كأن نقول في رد الشمس من جانب الحذر، واستيفائه مصلحة المقاتلة مع غلبات الشوق وجنود نكايات الهجر.

ورابعها: التلميح إلى الشعر (كقوله: [لعمرو مع الرّمضاء]) أي الأرض الحارة ترمض فيها القدم أي تحترق [والنّار] عطف على الرمضاء [تلتظى] حال من النار [أرقّ] خبر لقوله لعمرو، وعامل في قوله مع الرمضاء يقال: رق له إذا رحمه [وأخفى] من حفى عليه، كرضى بالغ في إكرامه وأظهر السرور والفرح وأكثر السؤال عن حاله [منك في ساعة الكرب] (١) على وزن الضرب كالكربة هو الغم الذي يأخذ النفس، هكذا بين إعرابه الشارح، وفيه أن معمول اسم التفصيل لا يتقدمه إلا في مثل هذا بشرا؟ أطيب منه رطبا، فالأوجه أن قوله مع الرمضاء حال من المبتدأ، وتلتظى صفة النار مثل [أمرّ على اللئيم يسبّني] والمعنى لعمرو مع ابتلائه بالرمضاء والنار المتلظية أرق وأحفى منك، من أن المبتلى لا يرق لغيره. (أشار إلى البيت المشهور:

المستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرّمضاء بالنّار) (٢)

يريد بعمرو جساس بن مرة روى أن بسوس زارت أختها أهيلة أم جساس بجار لها من جرم بن ريان بطن من قضاعة فدخلت ناقة الجرمي حي كليب فرماها واختل ضرعها فولت حتى بركت بفناء صاحبها، فصاحت بسوس واذلاه، واغربتاه، فقال جساس: أيتها الحرة اهدئي فو الله لأعقرن فحلا هو أعز على أهله منها، فلما تباعد كليب عن الحي خرج جساس وتبعه فرمى صلبه، ثم وقف عليه


(١) انظر البيت في الإيضاح: (٣٦٨)، والأول لأبي تمام، والثاني لكليب. عمرو: هو عمرو بن الحارث، استجار به كليب ليسقيه بعد أن ضربه جساس بن مرة، فنزل وأجهز عليه. الرمضاء: شدة الحر أو الأرض الحامية من شدة حر الشمس. تلتظى: تتوقد، وتستعر.
(٢) البيت أورده القزويني في الإيضاح: (٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>