للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العطايا، وخاصة الصفايا.

(قال) المصنف- رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله) الحمد: هو الثناء على الجميل الصادر بالاختيار على ما له الاشتهار، أو الصادر عن المختار، نعمة كانت أو غيرها، والشكر هو الإتيان بما يفيد التعظيم على النعمة، سواء كان ثناء أو غيره، فبينهما عموم من وجه؛ حيث يجتمعان في ثناء للنعمة، ويفارق الأول الثاني في ثناء على الفضيلة، ويفارقه الثاني فيما سوى الثناء مما يفعل بالأركان والجنان؛ لإفادة التعظيم للمنان. إذا تمهّد هذا فنقول: افتتح كتابه هذا بالبسملة التي الافتتاح بها أجل افتتاح باسم الله المتعال، ثم بالحمد البالغ أعلى درجات الكمال، من القول الدال على أنه تعالى مالك لجميع المحامد بالاستقلال، فحمد غيره كالعارية على نحو موجباته من الفضائل والأفضال، إذ الكل منه وإليه، وليس لغيره إلا مظهرية لما بين يديه؛ اقتداء بالكلام المجيد للعلام الحميد، وهربا عما جاء به السنة المشهورة لتاركهما من الوعيد، وأداء لحق شيء من النعم التي يذكرها هذا المختصر استبقاء للعتيد، واستيفاء للمزيد.

واختار قوله الحمد لله موافقا للمنزل على قوله: الشكر لله، برب الناس (١)؛ تحسينا للبيان ببديع الاقتباس، وتبيينا لاختصاصهما؛ إذ اختصاص الحمد لاختصاص موجبه يوجب اختصاص الشكر من غير الانعكاس، واختاره على المدح تنبيها على أنه تعالى هو الفاعل المختار على ما عليه أرباب الملل الأخيار، ولا يشكل الحمد على صفاته تعالى لأنها مستندة إلى المختار، وأن ليست بالاختيار، أو منزلة منزلة الاختياري؛ لاستقلال الذات فيها من غير مدخلية شيء من الأغيار، ونصب الكتابة علامة على افتتاحة باقية على مديد من صفحة الدهر الغير (٢) المتناهي، إذ التيمن باسم الله، والافتتاح بحمده أجل منقبة بها الرجل يباهي، وبأجلة أئمة الدين واليقين يضاهي، ومع كون تلك الكتابة تلك العلامة على الحمد الحميد، شكر عظيم لا يخفى على شاكر رشيد؛ لأنه فعل ينبئ عن تعظيم المنعم، وتمجيد الكريم الملهم، وجعلهما جزءا من


(١) كذا بالأصل.
(٢) كذا وردت في الأصل «الغير» بإضافة «أل» وهى كثيرة في لغة المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>