للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتاب، الذي هو العبارات المفيدة للمقاصد المكتوبة بين الدفتين، على ما هو المختار، أو هو نقوش الكتابة على احتمال ما، إتماما للاقتداء بالكلام، وإيماء للذكي الفهام، إن الحمد والبسملة أيضا كسائر ما بين الدفتين، في إيجاب الحمد، فيعجز كل ذي منة عن أداء محامده، بل شمّة، ولا يريبك فيّ ما ألفيت مما ألقيت عليك أنه مبني على جعل اللام في الحمد لام الاستغراق، وقد جعله العلامة الزمخشري (١) علامة تعريف الجنس ولا يوثق به؛ لأنه صرح بأن في هذا النظم دلالة على اختصاص الحمد به تعالى، فهو لا يتحاشى عن إفادة الاختصاص وإن يتحاش، فبناء على قاعدة الاعتزال من أن العباد هم الخالقون لأفعالهم؛ فالحمد على أفعالهم ليس حمدا له تعالى، ونحن- معاشر أهل السنة- ونخالفهم بناء على أن لا مؤثر إلا الله (٢)، فالمحامد ترجع إليه ولا تتعلق في الحقيقة بما سواه، على أنه قيل: إنما جعل التعريف للجنس دون الاستغراق من موجبات القرائن كما سيتحقق في بحث التعريف للجنس دون الاستغراق؛ إما لبيان أن مدلول اللام هو الجنس، والاستغراق من موجبات القرائن كما سيتحقق في بحث التعريف، وإما لاختيار إثبات اختصاص الأفراد بجعل اختصاص الجنس كناية عنه لأنه أبلغ.

وما قدمناه لك من أن جملة الحمد قول دال على مالكيته تعالى بجميع المحامد، لا ينافي سلوك طريق الكناية وليس بالصريح في اختيار التصريح.

(والله) كالرحمن، مختص بواجب الوجود، لم يطلقا على غيره فيما بين المتدينين وغيرهم، إلا أن الله اسم هو قسم من العلم، والرحمن صفة، وقد اشتهر الذات في ضمن اسم الله بالاتصاف بجميع صفات الكمال، كالحاتم بالجود في ضمن هذا الاسم؛ فهو يدل على جميع الصفات على سبيل الإجمال؛ ففي ذكره للحمد (٣) مزيد الإكمال؛ فلهذا اختير من بين الأسماء الحسنى المأثورة، فإن شيئا منها لا دلالة له عليه، والمتصف بجميع صفات الكمال، وما له من النظائر


(١) الزمخشري: هو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الملقب بجار الله وبفخر خوارزم، الإمام الكبير في التفسير والنحو واللغة والأدب، ولد بزمخشر في رجب سنة ٤٦٧ هـ، وتوفي في ذي الحجة سنة ٥٣٨ هـ.
(٢) هذا مما يدل على سلامة اعتقاد المصنف والتزامه مذهب أهل السنة في تحقيقاته البلاغية.
(٣) لأن الحمد القول الدال على الوصف الجميل.

<<  <  ج: ص:  >  >>