والأمثال، كالكامل من كل وجه ليست من الأسماء المأثورة، على أنه لو قيل:
الحمد للخالق أو الرازق أو غير ذلك؛ لأوهم أن علية ثبوت جميع المحامد له هي الصفة المخصوصة. قال الشارح المحقق:(قال) الحمد لله تنبيها على الاستحقاق الذاتي، أي الاستحقاق الغير المختص بوصف دون وصف، ثم تعرض للإنعام بعد الدلالة على استحقاق الذات تنبيها على تحقق الاستحقاقين، وفيه نظر؛ لأن التنبيه على الاستحقاق الذاتي لا يحصل بتعليق الحمد باسم العلم؛ لأنه لا يدل على علية الوصف، ولو سلم فاستحقاق جميع المحامد أو اختصاص جنس الحمد به لا يكون باعتبار كل وصف، حتى لا يختص الاستحقاق بوصف دون وصف، بل ذلك الاستحقاق بالنظر إلى جميع الأوصاف، وإنما الاستحقاق الذاتي لثبوت جنس الحمد، فإنه ثابت بالنظر إلى أي وصف كان. على أن تعليق الحمد بلفظ الله لو أفاد الاستحقاق الذاتي إنما يفيده لأن كل وصف له يوجب استحقاق الحمد، فيفيد الاستحقاق الوصفي أيضا، فلا يستدعي التنبيه عليه ذكر الوصف الخاص. وأيضا ليس تعليق الحمد بالذات كتعليقه بالإنعام على ما يدل عليه كلامه، فإن العلية المستفادة من التعليق باسم الذات هو علية الوصف لثبوت الحمد لله، والعلية المستفادة من التعليق بالإنعام علية الإنعام لإنشاء الحمد؛ إذ لو كان علة لثبوت الحمد له تعالى لكان المعنى أن جميع المحامد ثابتة لله تعالى لأجل الإنعام، ولا يخفى عدم صحته؛ وتحقيق ذلك أن العلل المذكورة بعد الإنشاءات وقد تكون علة للإنشاء، وقد تكون علة لما تعلق به الإنشاء، فعلى الأول إنشاء معلل، وعلى الثاني إنشاء معلل، وعلى الأول: قوله: على ما أنعم، من جملة المحمود به، وعلى الثاني: خارج عنه محمود عليه، وبهذا ظهر أنه لا تنافي بين جعل الإنعام علة للحمد وجعله غير مختص بوصف دون وصف، فنقول تعرض للإنعام لأن الداعي إلى الحمد تأليف هذا المختصر الذي هو من آثار الإنعام، وقدم الحمد لأنه مسند إليه في الحال، وعامل في قوله لله في الأصل؛ لأن أصله حمد الله، وهو من المصادر السادّة مسدّ الأفعال، عدل إلى الرفع للدلالة على الدوام والثبات، فمرتبته التقدم حالا ومآلا وليكون اقتباسا على ما مر.