فناسب أن يشترط فيه التجنب عن التنافر في جمعها، والعلم في العلم العلمي ليس فيه جمع الكلمات، فهو داخل في اشتراط الخلوص عن تنافر الحروف، ودفعه بأن العلم المركب خارج عن حد الكلمة لاشتراط كونها لفظة مبني على نهاية الغفلة؛ لأن أحدا لم يجعله خارجا عن المفرد، ولا ينفع خروجه عن الكلمة دخوله في الكلام في هذا المقام.
بقي أنه يرد على تعريف فصاحة المفرد مفرد أريد به لازم بعيد، بحيث يختل الانتقال، فينبغي أن لا يكون فصيحا؛ فتعريف فصاحة المفرد لا يصح بإخراج المركبات عن المفرد حتى يجعل قرينة على إخراجها! ! وغاية ما يمكن أن يقال لحمل المفرد والكلام على حقيقتهما وما يتبادر منهما: إن الموصوف بالفصاحة في الاصطلاح ليس إلا المفرد (١) المقابل للمركب مطلقا وإلا الكلام؛ لأن احتياجهم إلى الفصاحة لتوقف معرفة البلاغة عليها، ويكفي في معرفة البلاغة معرفة فصاحة الكلام المتوقف على معرفة فصاحة المفرد المقابل لمطلق المركب. ولا غرض يتعلق بالاصطلاح على معنى للفصاحة بحيث يشمل صفة المركبات الناقصة مثلا، ولا يخفى أن قوله: والبلاغة يوصف بها الأخيران فقط يقتضي أن يحمل الكلام على حقيقته؛ لئلا يفيد وصف المركبات الناقصة.
قال الشارح المحقق: الدليل على أنه لا يوصف بالبلاغة غيرهما أنه لم يسمع كلمة بليغة، والتعليل بأن البلاغة إنما هي باعتبار المطابقة لمقتضى الحال لا يتحقق في المفرد وهم؛ لأن ذلك إنما هو في بلاغة الكلام والمتكلم. هذا وأورد عليه أن نفي كلمة بليغة لا يستلزم حصر الوصف في الكلام والمتكلم لاحتمال أن يوصف به مركب ناقص، ويدفعه أن النفي عن الكلمة على سبيل التمثيل، فالمناقشة عائدة إلى العبارة، وأورد أيضا أن التعليل الذي نسبه إلى الوهم أيضا ملخصه أن العرب لا تطلق البلاغة إلا باعتبار مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فمرجعه إلى قولك: لم يسمع كلمة بليغة، ويدفعه أن التبادر من العبارة أن بناء التعليل على تعريف القوم لا على التتبع وتزييفه لما هو المتبادر.