إليه وإن كان للكلام أقسام حسن وقبول، سواه فحسن الكلام عند من هو طالب انكشاف الشيء على ما هو عليه بصدقه وقبوله بحسبه، وعند من هو مطمح نظره النشأة الباقية ينفعه في النشأة الباقية.
(بمطابقته للاعتبار المناسب) للمقام كما يشهد به قول المفتاح، وارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول وانحطاطه بحسب مصادفة المقام لما يليق به، وكأنه قال المصنف:(وانحطاطه بعدمها) إصلاحا لكلامه، حيث أورد عليه أن الانحطاط ليس بالمطابقة، وأجيب بأن في كلامه حذفا والتقدير بحسب مصادفة المقام لما يليق به، وعدم مصادفته له، فأبرز في كلامه ليكون صالحا ما قدر في كلام المفتاح لإصلاحه، وأورد عليه أن أصل الحسن والقبول بالمطابقة لارتفاعه، وعدم الحسن والقبول رأسا بعدمها، لا الانحطاط فيهما، ونحن ندفع الثاني بأن المراد الانحطاط عن الحسن والقبول، لا الانحطاط فيهما، حتى يقتضي ثبوت الحسن والقبول في غير المطابق، ومن التزم أن الحسن والقبول يجوز أن يحصلا بالفصاحة عند المصنف فيندفع الأول، أيضا غفل عما سيحكم المصنف من أن غير المطابق للاعتبار المناسب يلتحق بأصوات الحيوانات، ونقول في دفع الأول أن الارتفاع في الحسن والقبول كثبوتهما بالمطابقة، إلا أنه بمطابقة أرفع يعلم ذلك بمعرفة أن أصلهما بالمطابقة فيكون الارتفاع بمطابقة أرفع، وتلك المعرفة من الحكم بالانحطاط عن درجة الحسن والقبول بعدمها، والمراد بالكلام الكلام الفصيح، على ما ذهب إليه الشارح، متمسكا بأنه إشارة إلى ما سبق، وفيه أن السابق- صريحا- هو الكلام المطلق حيث قال: والبلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته، وفي ضمن تعريف البلاغة الكلام الفصيح المطابق، ففي رد الكلام إلى الفصيح دون المطلق أو الفصيح البليغ خفاء، ونحن نصرفه إلى الكلام البليغ، ولا مانع عنه بعد شرح قوله: وانحطاطه على ما سبق، والمراد بالحسن الذاتي لأنه الكامل المعتد به، فينصرف إليه فلا يرد أنه قد يرتفع في الحسن والقبول بالمحسنات البديعية. بقي هاهنا بحث لا بد منه، وهو أنه كيف يريد مطابقة كلام على كلام حتى يرتفع؟ فإن اكتفى في البلاغة بالمطابقة لبعض مقتضيات الأحوال حتى يكون الكلام بليغا إذا روعى فيه حال وإن فاتت أحوال كثيرة،