للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمة لا يشاركها في أصل المعنى؛ فإن اختيارها عليها ليس لاقتضاء المقام بل لتوقف معنى قصد إفادته عليها، ومن غفل أشكل عليه وجه تقييد الكلمة زاعما أن المقام ليس لكلمة لا يشاركها أيضا، فاعتذر بأن هذا القسم أولى بالتعرض فخص بالتعرض، واعتمد في معرفة المتروك على المقايسة، ولا يخفى أن مقام كل كلمة مع صاحبتها شديد الاتصال مع ما سبق على مقام خطاب الذكي شاك عن فصل مقام خطاب الذكي، بينه وبين ما سبق إذ كل مقام بالنسبة إلى نفس الكلام، بخلاف مقام الذكي فإنه حاصل بالنظر إلى المخاطب إلا أنه سلك المصنف طريق الترقي فقال في بيان تفاوت المقام: إنه بلغ إلى أنه يتفاوت مقام كلمة، ومقام ما يشاركها في أصل المعنى، قال الشارح: المراد بصاحبتها كلمة أخرى صحبتها لكن أعم من الكلمة حقيقة، أو حكما ليندرج فيها مقام المسند إليه، مع المسند الذي هو جملة اسمية أو فعلية أو ظرفية أو شرطية. هذا ولا يخفى عليك أنه يجب تعميم الكلمة أيضا، ليندرج فيه مقام للمسند الذي هي جملة مع المسند إليه، وليندرج فيه (تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه) (١) وبعد لا يفي هذا التعميم لاندراج كل ما هو من هذا القبيل من المقام لخروج مقام جملة مع جملة ليس لشيء منهما محل الإعراب، فلا بد من الحكم بأنه ترك للمقايسة، فلك أن تستغنى عن تعميم الكلمة بالمقايسة، ولا يتوهم قاصر أن صاحبة الكلمة ما جاورتها إذ هي ما ارتبطت بها وتعلقت بها نوع تعلق مثلا مرفوعة، في قوله تعالى فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (٢) لها مع الموضوعة مقام ليس للمرتفعة معها، لا مع الأكواب، فنقول: يكفي للإتيان بالكلمة أن يقتضيها مقام لها مع صاحبه، وإن لم يكن مقام يقتضيها مع عدة من صواحب أخرى؛ بل تستوي هي وما يشاركها في أصل المعنى، مع تلك الصواحب، وبعد ضبط مقتضيات الأحوال إجمالا ليعين على ضبطه بعد الشروع في الفن تفصيلا، ويمكن في النفس فصل تمكن رغب في ضبطها ببيان شرفها وعظم منفعتها فقال: (وارتفاع شأن الكلام في الحسن) المعهود المعتبر عند عظماء العرب (والقبول) عندهم فإن العهد في هذا الفن ينساق


(١) رواه الأصمعي: «تسمع بالمعيدي لا أن تراه» وقائلة النعمان بن المنذر في خبر له مع رجل من بني تميم يقال له ضمرة، كان يغير على أرض النعمان، وانظر جمهرة الأمثال ١/ ٢١٥.
(٢) الغاشية: ١٣، ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>