للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتعين البطلان في الأخص لاحتمال بطلان الحصر في الأعم باعتبار الجزء الثبوتي للحصر، ثم قال: وفيه نظر؛ وأوضحه فيما كتب في الحاشية من أن حصر شيء في شيء لا يوجب ثبوته لكل من أفراده حتى يبطل بذلك الحصر، فيما هو أخص من ذلك مطلقا، أو من وجه، كقولنا: ليس الضحك إلا للحيوان، هذا وفيه بحث؛ لأن مقصود أرباب التدوين بمثل قولهم لا ارتفاع إلا بالمطابقة للاعتبار المناسب أن الارتفاع يكون بها لا محالة، ولا يكون بغيره، إذ الغرض أن يتعلم المتعلم ما به يعرف الكلام المرتفع، وبهذا اندفع ما أوردناه من النقض، لكن ما كتب في الحاشية لدفعه أن أمثال هذه المقامات منتجة في الخطابيات لا نعرف له محصلا، قال السيد السند: قيل على تقدير صحة المقدمتين لا يلزم إلا المساواة في الصدق بين المقتضي والاعتبار المناسب والمطلوب هو الاتحاد في المفهوم، وأنت تعلم أن تفريع قوله فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب على ما تقدم، وجعله نتيجة له لا يستلزم دعوى الاتحاد في المفهوم، وإن مثل هذا التركيب ليس صريحا في الاتحاد مفهوما، هذا وفيما قيل نظر؛ لأنه على تقدير صحة المقدمتين كما لا يلزم الاتحاد في المفهوم لا يلزم المساواة، بل اللازم أحد الأمرين، وفيما ذكره السيد السند أيضا من هذه العبارة ليست صريحة في دعوى الاتحاد نظر، لأنه إن كان الحكم على مفهوم مقتضى الحال، فليس إلا دعوى الاتحاد. وإن كان على فرد منه فلا يلزم المساواة، ولو سلم فلا يتفرع لاحتمال الاتحاد، وحمل العبارة على المشترك بين الاتحاد والمساواة دون خرط القتاد، فالأوجه أن الفاء فصيحة، يعني إذا عرفت هذا فاعلم أن مقتضى الاتحاد هو الاعتبار المناسب لئلا يشتبه عليك صحة هذا الحصر بما تقرر من أنه لا ارتفاع إلا بالمطابقة لمقتضى الحال، وينكشف لك أن العبارتين بمعنى واحد.

(فالبلاغة صفة راجعة إلى اللفظ) (١) لأنها باعتبار خصوصيات اعتبرت في تركيب يفيد أصل المعنى (باعتبار إفادته المعنى بالتركيب) أي الغرض المصوغ له الكلام، فالمعنى إما مخفف أو مشدد، وبالجملة يراد به المعنى الذي يقصده البليغ، فقوله بالتركيب متعلق به، ويحتمل التعلق بالإفادة، وذلك لأن مقتضى الحال


(١) انظر الإيضاح ص ١١، دلائل الإعجاز ص ٤٢ وما بعدها طبع المنار.

<<  <  ج: ص:  >  >>