ما أورده الشارح المحقق من أنه لا معنى لجعل حد الإعجاز وما يقرب منه طرفان؛ إذ المناسب أن يؤخذ حقيقيا كالنهاية، أو نوعيا كالإعجاز، إذ قد أخذ نوعيا هو حد الإعجاز المعتبر في الشرع، وهو حد إعجاز أقصر سورة إلا أنه نبه على أنه صنفان: كلام يعجز نفسه، وكلام يعجز مقدار سورة من جنسه، وهذا أوجه مما ذكره الشارح المحقق، حيث قال: ومما ألهمت بين النوم واليقظة أن قوله وما يقرب منه عطف على هو والضمير في منه عائد إلى الطرف الأعلى، لا إلى حد الإعجاز، أي الطرف الأعلى مع ما يقرب منه في البلاغة مما لا يمكن معارضته هو حد الإعجاز، وهو مع كونه خلاف الظاهر بيان لحد الإعجاز بما يتوقف على معرفته، لأن ما يقرب منه بين بما لا يمكن معارضته، ولا معنى لحد الإعجاز إلا ما لا يمكن معارضته، وقد اعتذر هو نفسه أن هذا إلهام بين النوم واليقظة، الحمد لله الذي ألهمنا يقظان لا نومان، وما أيد به توجهه من أنه الموافق لما في المفتاح، من أن البلاغة يتزايد إلى أن يبلغ حد الإعجاز، وهو الطرف الأعلى، وما يقرب منه، ولما في نهاية الإيجاز أن الطرف الأعلى، وما يقرب منه كلاهما هو المعجز لا يخصه، بل له وجه موافقة لتوجيهنا، فإن كلام المفتاح نحمله على أن حد الإعجاز هو الطرف الأعلى المعجز بنفسه، وما يقرب منه المعجز أقصر سورة من جنسه، وكذا كلام نهاية الإيجاز، فتفطن. وقد اعترض الشارح على كون الطرف الأعلى وما يقرب منه معجزا خارجا عن طوق البشر بأن البلاغة ليست سوى المطابقة لمقتضى الحال مع فصاحته، وعلم البلاغة كافل بإتمام هذين الأمرين، فمن أتقنه وأحاط به لم لا يجوز أن يراعيها حق الرعاية فيأتي بكلام هو الطرف الأعلى، ولو بمقدار أقصر سورة، ولا يخفى أن الإشكال لا يخص بتكفل علم البلاغة، بل تكفل سليقة العرب أقوى، وأوجب للإشكال. ثم أجاب بأجوبة ثلاثة: الأولى: أن العلم لا يتكفل إلا بيان مقتضيات الأحوال وأما الاطلاع على كميات الأحوال وكيفياتها فأمر آخر. وثانيها: أن إمكان الإحاطة بهذا العلم لغير علام الغيوب محال. وثالثها: أن الإحاطة لا تفيد القدرة على تأليف كلام بليغ فضلا عن تأليف الطرف الأعلى، إذ كثيرا من مهرة هذا الفن كانوا عاجزين عن التأليف، وفي الجواب الثاني والثالث نظر؛ إذ لو لم يكن للبليغ