يطابق اللفظ مقتضى الحال) دون يعلم رعاية لما اعتبره بعض الفضلاء من تخصيص العلم بالكليات والمعرفة بالجزئيات، يريد تخصيص العلم بتصور الكلي والتصديق بحاله تخصيص المعرفة بتصور الجزئي والتصديق بحاله، فإنه ظاهر في أنه أراد بالعلم إدراك الكلي، وبالمعرفة إدراك الجزئي، ومن هذا يتبين وجه اختيار يعرف به على بحث فيه عن أحوال اللفظ العربي، لأن المراد الأحوال الجزئية، وهي لا تحمل على اللفظ العربي، ولك أن تفرق بين المعرفة والعلم، وتريد بالعلم الملكة فيكون المعنى ملكة يعلم بها أحوال اللفظ العربي ... إلخ، أي ملكة هي مبدأ استحضار العلم بأحوال اللفظ العربي، ولا يخفى أنه كما أدرج في تعريف فصاحة المتكلم الاقتدار ليشمل حالتي النطق وعدمه ينبغي أن يدرج في تعريفات العلوم الثلاثة ليشمل حالتي المعرفة وعدمها فتأمل.
قيل: إن أريد معرفة الجميع فهو محال؛ لأنها غير متناهية، أو البعض الذي لا يمكن تعينها كالثلث والنصف والربع، فهو تعريف لمجهول، أو ما يمكن تعيينه كمسألة أو مسألتين، فالعبارة قاصرة، وقيل أن أريد الكل فلا يكون هذا العلم حاصلا لأحد أو البعض، فيكون حاصلا لكل من عرف مسألة ومن البين أن كلّا من الإيرادين قاصر، ترك فيه بعض الشقوق، يظهر من الإحاطة بهما، وأجيب عنهما بأن المراد معرفة كل واحد يرد على صاحب العلم بالإمكان، ولم يدفع به قصور العبارة، ويمكن أن يجاب بأن المراد معرفة الجميع، واستحالة معرفة الجميع لا ينافي كون العلم سببا لها، كما أن استحالة عدم صفات الواجب لا ينافي سببية عدم الواجب له، وعدم حصول العلم المدون لأحد وهو يتزايد يوما فيوما ليس بممتنع ولا بمستبعد، وتسمية البعض فقيها أو نحويا أو حكيما كناية عن علو شأنه في العلم، بحيث كأنه حصل له الكل، ومما يرد أنه يصدق التعريف على ملكة مسائل العلوم الثلاثة مثلا، فإنه يصدق عليه أنه علم يعرف به أحوال اللفظ العربي، التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال، لا يقال إنها ملكات لا ملكة واحدة؛ لأن كل علم ملكات لأبوابه، بل مسائله ووحدة الملكة ليس أمرا منضبطا يمكن تعيينه، وتحديد العلم به، وليس لك أن تجيب بأن المراد يعرف به لذاته، وما صورته يعرف به لجزئه، لأن كل حال يرد على صاحب الملكة يعرف