بها لجزئها لا لذاتها، نعم لا يبعد أن يقال معرفة جميع الأحوال بها لذاته فخذه جوابا لهذا الاعتبار، وبأن يتكلف، وتريد تعرف به تلك الأحوال فقط، وما ذكرته من الملكة يعرف بها غيرها أيضا، ومما يرد أنه يصدق التعريف على ملكة استحصال العلم من غير أن يحصل مسألة كما إذا حفظ من شواهد المسائل ما يفي باستنباط مسائله، فإنه يصدق عليها أنها ملكة يعرف بها أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال، لا يقال لا يعرف بها بل بمسائل يستحصل بها؛ لأنا نقول فلا يعرف بملكة الاستحضار أيضا، بل بمسائل يستحضر بها، نعم تحتاج المعرفة مع ملكة الاستحصال إلى المبادئ أيضا بخلاف ملكة الاستحضار، لكن هذا الفرق لا تجدى في تصحيح التعريف. ولا يختلجن في وهمك أن ملكة الاستحصال المذكورة علم لأنه لا يقول أحد إن من لم يخطر بباله مسألة قط هو عالم بالعلم، إنما الكلام في أن ملكة استحضار أكثر المسائل مع ملكة استحصال الباقي هل هو العلم أم لا؟ من أراد أن يكون إطلاق الفقيه على الأئمة حقيقة مع عجزهم عن جواب بعض الفتاوي التزم ذلك، وأما على ما سلكنا من أن الإطلاق مجازي فلا نلتزمه، وجوابه أن العلم بمعنى الاستحضار لا الملكة المطلقة كما فصلناه فملكة الاستحصال خارجة من قوله علم، والمراد بأحوال اللفظ الأمور العارضة له المتغيرة كما يقتضيه لفظ الحال من التقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، وغير ذلك، وموضوع العلم ليس مطلق اللفظ العربي، كما توهمه العبارة؛ بل الكلام من حيث إنه يفيد زوائد المعاني، فلو قال أحوال الكلام العربي لكان أوفق، إلا أنه راعى أن أكثر تلك الأحوال من عوارض أجزاء الكلام بالذات وإن صاحب المعاني يرجعه إلى الكلام، فاختار اللفظ ليكون صحيحا في بادئ الرأي، إلا أنه يخدشه أحوال الإسناد، فتأمل.
وقد نبه بتقييد اللفظ بالعربي وإطلاقه في قوله: يطابق اللفظ، على أن تخصيص البحث باللفظ العربي مجرد اصطلاح، وإلا فيطابق بها مطلق اللفظ مقتضى الحال، وبها يرتفع شأن كل مقال ولهذا لم يضمر فاعل المطابقة، فاتجه أن الأحوال الشاملة لغير اللفظ العربي كيف يكون من الأحوال التي يبحث في العلم، ولا يبحث فيه إلا عن الأعراض الذاتية؟ ولا يندفع إلا بما ذكره الشارح