القوم عنه من أن المراد بالتتبع المعرفة على إطلاق السبب، وإرادة ما هو مسببة، تنبيها على أن المعاني تلك المعرفة دون معرفة الله، ومعرفة العرب على ما قيل ودون المعرفة بالتقليد، كما نقول يرده أنه يأبى عن إرادة المعرفة بالتتبع قوله:
ليحترز بالوقوف عليها، إذ اللائق حينئذ ليحترز به، وأنه ليس المعاني معرفة الخواص المذكورة بالتتبع، لأنه التصديق بالقواعد لا معرفة الخواص الجزئية، لأنها المتبادر من معرفة الخواص بالتتبع والحمل على معرفتهما إجمالا بعد المعرفة الحاصلة بتتبع جزئيات الخواص، تجاوز عن الحد في التكلف، وليس من جهات العدول كما ظنه الشارح المحقق أن العلم بتعريفه يوجب الدور، وإن اعترض به المصنف في الإيضاح، حيث قال: فسر التراكيب بتراكيب البلغاء، فمعرفة التراكيب في تعريفه تتوقف على معرفة البليغ المتوقفة على معرفة بلاغة المتكلم، وقد عرفها في كتابه بأنه بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حدّا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها، وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها، فإن أراد بالتراكيب تراكيب البلغاء- وهو ظاهر- فقد جاء الدور وإن أراد غيرها فلم يبينه، هذا لأن هذا الاعتراض لا يتجه على تعريفه، ولو ذكره المصنف في كتابه لأنه عرف فيه بلاغة المتكلم بما لا يتوقف معرفته على معرفة المتكلم البليغ، لكن نعم الجواب ما أصابه الشارح حيث قال: المراد بالتراكيب تراكيب ذلك المتكلم، كأنه قال: بلاغة المتكلم أن يكون بحيث يورد كل تركيب له في المورد الذي يليق به المقام، فمعنى توفية خواص التراكيب حقها أن يورد كل كلام موافقا لمقتضى الحال، وقوله في تأدية المعاني وتوفية خواص التراكيب حقها وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها ناظر إلى هذا القصد، ولهذا بالغ في ظهور هذا المعنى حيث قال: لا يفهم إلا هذا، فالمناقشة بأنه يمكن أن يراد بلوغه في تأدية المعاني حدّا له اختصاص بتوفية مثل خواص تراكيب البلغاء حقها وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها ليس على سنن التوجيه، وإن وقع عن السيد السند الشريف التنبيه. وأما ما اعترض به على الشارح من أنه لم يعرف لتراكيب هذا المتكلم خواص حتى يضاف إليها، وحكم بسببه على هذا الجواب فإنه ليس بشيء فدفعه أن الخاصة هي الداعية إلى خصوصية مفيدة زائدة على أصل المعنى،