للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإضافتها إلى تراكيب المتكلم لا يستدعى معرفة خواص لها، نعم يتجه أن تعريف بلاغة المتكلم يستلزم الدور، لأن السكاكي عرف الخاصة بما أخذ فيه البليغ، والعجب أنهم احتاجوا في إثبات الدور إلى الترديد في التراكيب، ولم يلتفتوا إلى ما ذكره في الخاصية، ولما انجر الكلام إلى إيراد تعريف السكاكي فلا نري بدا من شرح قوله، وما يتصل بها من الاستحسان وغيره، فإنه مما استصعب جلة الأقوام وزل فيه الأقدام، ولم يترشح حق بيانه من الأقلام، فإن الشارحين جمهورهم ذهبوا إلى أن المراد بالاستحسان المحسنات البديعية وبغيره الاستهجان الذي وقع منهم هفوة أو لاستعمالهم المستهجنات في الأضاحيك، والهجويات، فذكر المحسنات البديعية في تعريف المعاني، وأشار بذكر الاتصال إلى أنها خارجة من المعاني ملحقة بالخواص في التزيين، إلا أن تزيينها عرضي، وتزيين الخواص ذاتي، ولا يخفى أنه إفساد للتعريف، لأنه لا مدخل له في الاحتراز عن الخطأ في تطبيق الكلام على ما يقتضي الحال ذكره، ولا يفهم من ذكر الاتصال أنه خارج من المعاني؛ فإن معلومات علم قد يتصل بعضها ببعض فذكره في التعريف إفساد للتعريف، لأنه يفيد دخولها في معلومات المعاني.

والسيد السند ذهب إلى أن ضمير وما يتصل بها إلى التراكيب أي يتبع ما يتصل بالتراكيب من معرفة أن اشتمالها على الخواص هل يستحسن أو يستهجن؛ إذ التركيب المؤكد مثلا قد يستحسن من متكلم في مقام فيحمل على أنه قصد ما يقتضيه، ولا يستحسن من آخر في ذلك المقام لسوء ظن به، فلا يحمل على قصده بل على أن صدوره منه اتفاقي، وكذا حال المخاطب، وقد صرح بذلك المفتاح حيث قال: ومن متممات البلاغة ما قد سبق لي أن نظم الكلام إذا استحسن من بليغ لا يمتنع، أن لا يستحسن مثله من غير البليغ، وإن اتحد المقام، بل لا بد لحسن الكلام من انطباق له على ما لأجله يساق، ومن صاحب له عراف بجهات الحسن لا يتخطاها، ولا بد مع ذلك من إذن لافتنانات الكلام مصوغة، فظهر أنه لا بد لصاحب المعاني مع معرفة الخواص من معرفة كون التراكيب مستحسنة وغير مستحسنة، ليتمكن من إيراد تراكيبه منطبقة على ما ساقها لأجله، ولا مستحسنة في مواقعها، ومن حمل كل تركيب

<<  <  ج: ص:  >  >>