الاعتبارية باعتبار أنها حاصلة للطرفين، والأمر الاعتباري يصح أن يحصل لغيره كالعمى الحاصل للأعمى، وثبوت الشيء للشيء ليس مستلزما لثبوت المثبت، بل لثبوت المثبت له، وجعل الخارج ظرفا للنسبة، ووصف النسبة بالخارجية لا يستدعي وجودها، وذلك على ما حققوا للفرق، بين كون الخارج ظرفا لنفس الشيء، وبين كونه ظرفا لوجوده. فإن قولنا: زيد موجود في الخارج جعل فيه الخارج ظرفا لنفس الوجود، وهو لا يقتضي وجود المظروف، وإنما يقتضي وجود ما جعل ظرفا لوجوده، فالموجود في هذه الصورة زيد لا وجوده، ففي قولنا: زيد قائم في الخارج جعل الخارج ظرفا لنفس ثبوت القائم لزيد، فاللازم كون القائم ثابتا في الخارج بثبوت لغيره لا الثبوت، ونحن نقول: الخارج اسم للأمر الموجود في الخارج كالذهن الذي هو اسم للأمر الموجود في الذهن، فمعنى كون الشيء موجودا في الخارج والأعيان أنه واحد منها، وفي عدادها، فظرفية الخارج للوجود مسامحة، إذ الوجود ليس في عداد الأعيان، ومعنى زيد موجود في الخارج أن وجوده في وجود الخارج، وفي عداد وجوداته، فليس الخارج إلا ظرفا لنفس الشيء، لكنه إذا جعل ظرفا له حقيقة اقتضى وجوده، وإذا جعل ظرفا له مسامحة لم يقتض وجوده، هكذا حقق الخارج والواقع، واحفظه واجعله في سلك البدائع ولا تنكره؛ لأنه خلاف المستفيض الشائع.
ومما ينبغي أن ينبه عليه أن ما بسط من الكلام في الخارج ليس في الخارج الذي يدور عليه الصدق والكذب، لأنه بمعنى خارج تعقل المتكلم لا بمعنى الخارج المقابل للذهن، وإلا لم يشمل الصادق والكاذب الذهنيين، بل في الخارج المقابل للذهن، لنكون على بصيرة في القضايا الخارجية، ويتضح عندك وجه تقييد النسبة فيها بالخارج، ولذا عجب المصنف في بيان المذاهب الثلاثة، فذكر المذهب الأول من غير نسبة إلى صاحبه، كما نسبه المفتاح إلى الجمهور، ولم يؤيده، ولم يبالغ في التصريح بترجيحه، كما أيده وصرح به حيث قال: وهو المتعارف وعليه التعويل، مبالغة في صحته وظهور سلطانه، إلى أن استغنى اعتباره وعن نسبته إلى الجمهور، وعن التأييد بتعارفه، والشهادة بأنه المعول عليه، وأشار إلى كمال سخافة المذهب الثاني، بحذف قائله وتحقيره بمجهوليته، مع