أحوال الفاعل- لا يعد فائدته- ولا يجعل من دواخل ما وضع له ضرب مع لزومها اللفظ ضرب، لأنه مجهول المساواة مع الثلاثة، هذا ما ألهمت في حل عبارته، والقوم جعلوا قوله: والأولى بدون هذه تمتنع، وهذه بدون الأولى لا تمتنع، كما هو حال اللازم المجهول المساواة- بيانا لوجه تسمية الثاني لازم الفائدة، يعني تسميتها لازما دون الأولى؛ لأنها لا تمتنع بدونها، كما هو حال اللازم المجهول المساواة، فبعضهم قال: أراد به اللازم الأعم؛ لأنه أحق بمجهولية المساواة من المساوى المجهول المساواة، وبعضهم قال: أراد به ما يشمل الأعم والمساوى المجهول المساواة: ولعمري؛ إن أمثال هذا من العجاب، والشاهد على عجز الممكن حيث وقع من جم غفير من أولي الألباب السابقين في كثير من الأبواب، وعلى أن المنزه ليس إلا الواجب رب الأرباب؛ اللهم لك التنزه والتقدس، ونعوذ بك عما هو لوازم الإمكان من التدنس، وكيف لا ووجه تسمية الأولى فائدة والثاني لازم الفائدة هو الواضح الذي قدمناه، فكيف تلتفت إلى مثل هذا التوجيه مع وضوحه، وكون الثانية لازما أعم واضح؛ فما الداعي إلى جعله من جملة المجهول المساواة؟ ! أو التعبير عنه بمجهول المساواة؟ ! ولا يظن بعاقل ما نسبوه إلى فاضل بيده مفتاح المعاني، وكامل يتنبد ببلاغته ثغور المباني.
بقي أنه كيف صح أن كونه عالما به لازم فائدة الخبر وكثيرا ما يتحقق الحكم، والمتكلم غير عالم به لكونه مخبرا على خلاف علمه؟ فقيل إن الملزوم واللازم عند التحقيق ليس الحكم، وكون المخبر عالما به بل إفادة الحكم وإفادة كونه عالما به، فإن الأولى يمتنع بدون الثانية، والثانية لا يمتنع بدون الأولى.
وقال المصنف، ووافقه العلامة: إنهما عند التحقيق علم المخاطب من الخبر نفسه بهما، فإن علمه من الخبر بالحكم لا ينفك عن علمه بكون المخبر عالما به منه، بخلاف العكس فجعل ملزوما ولازما، باعتبار هذين العلمين، والشارح المحقق ظن أنهما فجعلا اللازم والفائدة نفس العلمين، وخالف المفتاح، وبيانهما ليس موجبا لما ظنه، فليحمل على ما سمعت.
وبالجملة بيان اللزوم أن علم المخاطب بالحكم من الخبر موقوف على علمه بأن المخبر عالم به علما مطابقا، حتى لو شك في علمه، أو مطابقة علمه لم يحصل له