للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما يجاب بأن هذا حكم أن لكونه علما في باب التوكيد، ولا ينجاب؛ لأنه أيضا مناف لإطلاق المؤكد».

ولك أن تجيب بأن هذا حكم بيان الوجوب من الشيخ، وتقييد الوجوب لا ينافي إطلاق الحسن، نعم إثبات الوجوب في البعض ينافي إطلاق الحسن، إلا أنه جعل المصنف هذا البعض داخلا في المنكر؛ لأن التصديق بنقيض الشيء يوجب إنكاره، وإن كان ظنّا، نعم جعل التأكيد بأن للظان بخلاف ما أنت مجيبه أكثر مواقعه في معرض الإنكار؛ لأن «أن» التي هي علم في باب التوكيد أحق بالمنكر الجازم بالنقيض، إلا أن يكون الظانّ أكثر من الجازم بحكم الاستقراء، وكون الاستقراء مفيدا له لا يخلو عن بعد.

ولا يتجه على الشيخ ما أورده السيد السند من أن كلام الشيخ يفيد أنه يجوز أنه صالح في جواب كيف زيد؟ مع أنه ينافي ما ذكره القوم من أن كيف لطلب التصور، وأن السؤال عن السبب المطلق لا يؤكد؛ لأنه إنما يفيد لو كان معنى كلامه، وهذا مما لا قائل به، إنه لا قائل بوجوب إنه صالح، بل المعتبر جوازه وهو غير متعين، لجواز أن يكون معناه، ولا قائل بأنه صالح في جواب كيف زيد؟ ولك أن تبصر ما فهم المعرض من كلام الشيخ بأن السؤال بأمثال كيف التصديق الخاص عند التحقيق، إلا أنه لما كان تحصيل ذلك التصديق بإلقاء قيد. قالوا: إنها لطلب التصور، والاستعمال الموثوق به يفيد صحة التأكيد في الجواب.

قال تعالى في جواب ما هي؟ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ (١) والحمل على أن التأكيد هنا لإظهار الرغبة لا لكونه كلاما مع السائل خلاف الظاهر، واعترض السيد السند بأن ما ذكره وجها لتقييد الأصل بأن يكون للسائل ظن على خلاف ما أنت مجيبه لا يتجه؛ لأنه يمكن أن يجعل الأصل وهو الأولى أنه إن كان التردد في أصل التصديق الذي في الجملة الخبرية كما في قولك: هل زيد قائم؟ فهناك يؤكد الجملة، وإن كان عن تفاصيل الأطراف والقيود التي فيها فلا حاجة إلى التأكيد؛ إذ المطلوب بحسب الظاهر هو التصور، وأجيب بأنه لم يبن التقييد على


(١) البقرة: جزء من الآية ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>