للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتصريح في علم البيان، استعمال اللفظ فيما وضع له على ما هو وظيفة البيان، لا هذا الإخراج بعينه، وغرضه أن لكل من هذين الأمرين نظيرا في علم البيان، مسمى باسم آخر.

قال الشارح المحقق: وهاهنا بحث لا بد من التنبيه عليه، وهو أنه لا ينحصر فائدة أن في تأكيد الحكم نفيا لشك أورد الإنكار، ولا يجب في كل كلام مؤكد أن يكون الغرض منه رد إنكار محقق أو مقدر، وكذا المجرد عن التأكيد، هذا كلامه، وأراد بنفي وجود كونه لرد إنكار محقق أو مقدر ما يشمل رد الإنكار والتردد، وهو ظاهر.

وأراد بقوله: وكذا المجرد أنه لا يجب أن يكون التجريد لخلو الذهن حقيقة، أو تقديرا؛ بل يكون لغير ذلك، كأن يكون لأنه لا يروج من المتكلم على لفظ التأكيد، ولا يتقبل منه، وبنى عدم انحصار فائدة التأكيد فيما ذكر أو لا، بما نقل عن الشيخ عبد القاهر من أنه قد يدخل (أن) للدلالة على أن الظن كان من المتكلم في الذي كان، أنه لا يكون قولك للشيء وهو بمرأى ومسمع من المخاطب أنه كان من الأمر ما ترى، وأحسنت إلى فلان، ثم إنه فعل جزائي ما ترى وعليه قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى (١) ورَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (٢) ومن خصائصها أن لضمير الشأن معها حسنا ليس بدونها، بل لا تصلح بدونها نحو: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ (٣) وإنه: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً (٤) وإِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٥) ومنها تهيئة النكرة لأن يصلح مبتدأ كقوله:

إنّ شواء ونشوة ... وخبب البازل الأمون

من لذّة العيش والفتى ... للدّهر والدّهر ذو فنون (٦)


(١) آل عمران: جزء من الآية ٣٦.
(٢) الشعراء: ١١٧.
(٣) يوسف: ٩٠.
(٤) النساء: ١١٠.
(٥) المؤمنون: ١١٧.
(٦) الشعر لسلمى بن ربيعة التيمي، وهو في شرح الحماسة للتبريزي (٣/ ٨٣)، ودلائل الإعجاز للجرجاني (٣٢٠)، ومفتاح العلوم (٦٤١)، والبازل من الإبل: الذي تناهت قوته في السنة التاسعة.
والأمون: الناقة الموثقة الحلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>