جعل الأمير في هزم الأمير الجند من عداد الجيش، وبمنزلته أمر مستبعد جدّا، ويمكن رفعه بأن تشبيه الربيع بالفاعل الحقيقي والمبالغة فيه ركيك لو اعتبر التشبيه به بخصوصه، أما لو شبه بالفاعل ملحوظا بعنوان الفاعل فلا، وكذا الاستبعاد في جعل الأمير بمنزلة الفاعل الحقيقي للهزم، إنما الاستبعاد في جعله بمنزلة الجند ملحوظا بصفة الجندية.
(ذاهبا إلى أن ما مر ونحوه استعارة بالكناية) ذكر لفظ ذاهبا قوله تعالى:
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (١) واختار ما مر ونحوه على أنه بالضمير الراجع إلى المجاز العقلي إحضارا لما مر بخصوصه، لأن فيه ما يستبعد رده إلى الاستعارة بالكناية، كما عرفت في أنبت الربيع البقل، وهزم الأمير الجند، وكما في أحيي الأرض شباب الزمان، إذ يلزم الاستعارة من المستعير، ولما لم تكن الاستعارة بالكناية معلومة أشار إلى بيانه بقوله (بناء على أن المراد بالربيع الفاعل الحقيقي) ولعله أشار بقوله الفاعل الحقيقي دون الله تعالى إلى ما ذكرنا من دفع الركاكة (بقرينة نسبة الإنبات إليه) فإن الاستعارة بالكناية عنده ذكر المشبه، وإرادة المشبه به، بقرينة استعارة ما هو بخاصة من خواص المشبه به، لصورة وهمية، توهمت في المشبه شبيهة بتلك الخاصة، وإثباتها للمشبه، ففي قوله بقرينة نسبة الإنبات إليه نظر؛ ويجب أن يتكلف ويحمل على إرادة بقرينة نسبة ما هو مشبه بالإنبات إليه، وربما يقال إن السكاكي وإن اشتهر منه أن قرينة الاستعارة بالكناية عنده إثبات الصورة الوهمية المسماة بالاستعارة التخييلية إلا أنه ذكر في بحث جعل المجاز العقلي استعارة بالكناية أن قرينتها قد تكون أمرا محققا كما في أنبت الربيع، فهذا الكلام مستغن عن التأويل. نعم في قوله (وعلى هذا القياس غيره) نظر؛ لأنه لا يمكن قياس القرينة في أكثر الأمثلة عليه، ونحن على أن ما ذكره ليس نصّا في أن الإنبات محمول على معناه الحقيقي، وليس مستعارا لأمر وهمي، وتتبع ما اشتهر منه، وستطلع على معنى كلامه في أنبت الربيع في فن البيان في مقامه إن شاء الله تعالى.
(وفيه نظر) أي: في جعل كل تركيب يشتمل على المجاز العقلي، مشتملا