للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على استعارة بالكناية نظر؛ لأنه باطل، لاستلزامه أمورا باطلة، وبطلان اللوازم، مستلزم لبطلان الملزومات، ولأنه تنتقض هذه الدعوى بكل تركيب مشتمل على المشبه به والمشبه، فإنه لا يصح إخراجه عن كونه مجازا عقليا، بجعله مما يشتمل على الإستعارة بالكناية؛ لأن فيه ما يمنع عن ذلك الجعل، فأشار إلى الدليل الأول بقوله:

(لأنه يستلزم) ... إلخ، وإلى الثاني بقوله: ولأنه تنتقض ... إلخ، ولا يخفي أن الانتقاض لا يخص بنحو: نهاره صائم، بل كل مثال ذكره في الدليل الأول تنتقض به الدعوى، لأنه لا يصح إخراجه عن الاشتمال على المجاز العقلي بذلك الجعل، لوجود المانع، كما لا يخفى أن استلزام الجعل المذكور الباطل لا يخص بنحو: نهاره صائم، على وجه ذكره، بل يجرى فيه باعتبار اشتماله على طرفي التشبيه، فكل من التخصيصين بلا مخصص.

ثم استلزام (أن يكون المراد بعيشة في قوله تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (١) صاحبها) ليس مقابلا لعدم صحة الإضافة وأخويه كما يوهمه ظاهر العبارة، بل هو يليه معتبر في الجميع، إذ يستلزم أن يكون المراد بالنهار فلانا نفسه، وأن يكون المراد بضمير (هامان) العملة، وبالربيع هو الله تعالى، ومدار الفساد عليه، وإنما المقابل لها عدم صحة أن يكون العيشة ظرفا لصاحبها، فالأولى أن يقال: يستلزم أن لا يصح جعل العيشة في قوله تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ظرفا لصاحبها، والأولى بنحو عيشة عيشة لئلا يوهم أن ترك النحو فيه وإيراده في أخويه بناء على انفراده بخلاف أخويه؛ فإنه فاسد؛ لأن قوله تعالى: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٢) في سلكه كما صرح به في الإيضاح: قال الشارح: لأنه لا معنى بقولنا خلق من شخص يدفق الماء أي يصبه، ورد بورود خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ (٣) ويدفعه أن مراده أنه لا معنى له في مقام بيان الخلق من الماء كما يشعر به نظم القرآن، ونقول: لأنه لا معنى حينئذ لوصف الماء بأنه يخرج من بين الصلب والترائب، وقوله (لما سيأتي) الأولى بحاله أن يذكر بعد


(١) القارعة: ٧.
(٢) الطارق: ٦.
(٣) النساء: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>