إذا كان اللفظ مما يدل على نقصان (أو التبرك بذكره أو استلذاذه) أي وجدانه لذيذا أو إظهار هذه الأمور (أو بسط الكلام حيث الإصغاء مطلوب) قيل:
الأولى حيث السماع مطلوب للمتكلم؛ ليصح التمثيل بقوله:(نحو: هِيَ عَصايَ)(١) إلا فهو تعالى منزه عن الإصغاء، والأذن، وأقول أشار إلى أن القرآن نازل على لسان العباد عومل فيه معاملتهم في محاوراتهم، وينبغي أن يقول حيث زيادة الإصغاء مطلوب؛ لأن الإصغاء يحصل مع حذف المسند إليه بذكر المسند، وما يتعلق به، ولا يقتصر البسط على ما ذكره، بل ربما كان له دواع أخر، كالابتهاج والافتخار، وحيث للمكان أي في مكان الإصغاء مطلوب فيه، ولا قرينة على جعله مستعارا للزمان، حتى يصح تجويزه، ومما ينبغي أن يتنبه عليه- ولا تغفل- أن قوله: أو نحو ذلك في بحث الحذف في تركه في هذا البحث ليس لأن نكات الذكر استوفيت بالتفصيل، بخلاف نكات الحذف، فاحتيج إلى إشارة إجمالية إلى ما بقي هنالك، بخلاف هذا البحث، بل الإجمال فيما سبق إشارة إلى أن الأحوال المقتضية للخصوصيات ليست سماعية صرفة، بل مدارها على العقل السليم والطبع المستقيم، وتركها هاهنا للاكتفاء بالإشارة السابقة، وهكذا عادته كما سنشاهد أنه قد يأتي بالإشارة الإجمالية، وقد يتركه متابعة لدأب المفتاح.
ولا يخفي أن كون الذكر لأمثال هذه النكات لا يختص بما إذا قامت قرينة مصححة للحذف، حتى إذا لم تكن قرينة كان الذكر لانتفاء القرينة، لا لشيء من هذه النكات، إذ لا تزاحم بين أسباب الذكر. فقول الشارح المحقق: هذا كله مع قيام القرينة بظاهره لا يتم، والصواب: أن هذا كله يكون مع قيام القرينة، ومما ذكره المفتاح أنه قد يكون الذكر لكون الخبر عام النسبة إلى كل أحد، وأريد تخصيصه وتركه المصنف، لأنه زعم أنه فاسد؛ لأنه إن قامت قرينة على الخصوص فكونه عامّا، وإرادة التخصيص لا يوجب الذكر، وإن لم تقم قرينة فالذكر واجب لعدم قرينة الحذف، لا لاقتضاء عموم النسبة، وإرادة التخصيص،
(١) طه: ١٨، وفي ذكر المسند إليه هنا نكتة، وهي أنه لما كان السؤال عن العصا، وهي شيء معلوم لا يرتاب فيه، ولا يحتاج إلى السؤال عنه، فكأن ذلك أوقع في نفس موسى تشكيك السائل سبحانه له في حقيقة المسئول عنه، فلجأ موسى إلى التأكيد بذكر المسند إليه.