للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه.

وفيه بحث؛ لأن الله إذا كان علما للفرد الموجود منه لكن لا يكون حاصلا في عقولنا إلا بمفهوم الواجب لذاته، والمتصف به- محتمل لمتعدد، كالإله بحق، فلا يحصل باستثنائه إثبات ما هو مطلوب بالاستثناء على وجه يوجب التوحيد.

وأيضا لما انحصر الإله بحق فيه يكون استثناء إخراج جميع ما تحت المستثنى منه، فمناط التوحيد على نفي وجود ما يتوهم معبودا بالحق، وإثبات ما هو المستحق للعبودية في الواقع، أو الواجب لذاته، وهو يكفي لانحصاره في ذات واحدة، فالمعنى لا إله مما يجوز العقل كونه معبودا بحق إلا الواجب لذاته في الواقع، ولا تفاوت في ذلك كون الله بمعنى الواجب لذاته أو بمعنى شخص معين ملحوظ بمفهوم الواجب لذاته، نعم كونه بمعنى الشخص أنسب بمقام التوحيد كما لا يخفى على الفطن والبليد.

(أو تعظيم أو إهانة) والعريق الواضح في ذلك الألقاب لأن الغرض من وضعها الإشعار بالمدح والذم، وقد يتضمنها الأسماء وإن لم يقصد بالوضع إلا تميز الذات لكونها منقولات من معان شريفة أو خسيسة، كمحمد وعلي وكلب، أو لاشتهار الذات في ضمنها بصفة محمودة أو مذمومة، كحاتم ومادر، وبعد الألقاب في ذلك الكنى كأبي الفضل وأبي الجهل، وإنما قال تعظيم أو إهانة دون تعظيمه أو إهانته تعميما للداعي؛ فإنه قد يقصد تعظيم غير المسند إليه أو إهانته نحو أبو الفضل صديقك، وأبو الجهل رفيقك، ومن نكات العلمية الحث على الترحم نحو أبو الفقير يسألك.

(أو كناية) أي تعريف المسند إليه العلمية لقصد كناية بالعلم، تفوت لولا العلم، نحو أبو لهب فعل كذا، عبر عن المسند إليه بأبي لهب؛ لينتقل منه إلى كونه جهنميّا، باعتبار معناه الأصلي، فإن المعنى الأصلي الذي يقصد البليغ الإشارة إليه بهذا العلم من تولد منه النار، وتولد النار منه باعتبار كونه وقودا للنار، والنار التي وقودها الناس نار جهنم، قال تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ (١) وهذا وجه بديع.


(١) البقرة: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>