للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم ... وأسمت سرح اللحظ حيث أساموا

بلغت ما بلغ أمرؤ بشبابه ... فإذا عصارة كل ذاك أثام (١)

والأثام بفتح الهمزة واد في جهنم، والعقوبة، وبكسر كالمأثم، كذا في القاموس.

(أو تنبيه المخاطب على خطأ)، سواء كان خطؤه أو خطأ غيره، فلذا أنكره نحو قول عبدة بن الطبيب من قصيدة يعظ فيها بنيه:

إن الذين ترونهم ...

على صيغة المجهول من الإراءة أي تظنونهم لأن مجهول هذا الباب من الرؤية تعارف في الظن، والمراد بالظن ما سوى اليقين كما قد يجيء بهذا المعنى، لأن ذلك حكم ظن الأخوة دون الجزم، ولأن الأخوة لا تكون إلا مظنونة لأن الناس أصناف مظنون الأخوة، ومجزومها، ومتيقنها، وصيغة المعروف تروها الرواية، والدراية؛ لأنها بمعنى اليقين، فلا يتصور فيها الخطأ: [إخوانكم يشفى غليل صدورهم] الغليل: العطش أو شدته، أو حرارة الجوف، كذا في القاموس [أن تصرعوا] (٢) أي أن تطرحوا على الأرض، والصرع الطرح في الأرض، والظن أنه كناية عن أن تغلبوا، وقال الشارح أي أن تهلكوا أو تصابوا بالحوادث، ففيه تنبيه المخاطب على خطئه في الاعتقاد ليجتنب عن مثل هذا الاعتقاد، ولا يرضى بالاعتماد على أحد يظن به الوداد وعلى خطأ إخوانه في المعاملة معه، إذ الالتئام الذي يبتني عليه المهام أن لا يفوت منك في شأن أخيك الاهتمام، فالمثال لقسمي الخطأ.

قال الشارح المحقق: ففيه من التنبيه على خطئهم في هذا الظن ما ليس في


(١) البيتان لأبي نواس، ونهز الدلو في البئر: إذا ضرب بها في الماء لتمتلئ. وقصده: شاركت الغواة في غيهم، والإضافة في: «سرح اللحظ» من إضافة الصفة إلى الموصوف، والسرح في الأصل: ذهاب الماشية إلى المرعى. والعصارة: ما تحلب مما عصر والمراد هنا الثروة والنتيجة، وهما في الإيضاح (٤٤).
(٢) البيت لعبدة بن الطبيب، وهو شاعر مخضرم، والبيت في ديوانه (٤٨)، والإيضاح (٤٤)، والتبيان (١/ ١٥٦)، والمفضليات (١٤٧)، وشرح عقود الجمان (٦٧)، ومعاهد التنصيص (١/ ١٠٠)، والمفتاح (٩٧)، ولطائف التبيان (٥١).
ترونهم: تظنونهم، وغليل الصدور: الحقد، وتصرعوا: تلاقوا مصرعكم وهلاككم.

<<  <  ج: ص:  >  >>