للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولهم إن القوم الفلاني، هذا ويتبادر منه أن كلام الشاعر في قوم مخصوص والظن أنه تنبيه على اعتقاد يتعلق منه بالناس أيا كانوا، وأي وقت كان، فليس هناك قوم معينون يتأتى التعبير عنهم بالقوم الفلاني، بل من نكات التعبير بالموصول في البيت عدم علم المخاطب، ولا المتكلم بهم، بما سوى الصلة، ويحتمل أن يكون المقصود التحذير عن الناس، فالتعبير بالموصول ليلزم ثبوت الحال لمن ليس له الصلة بطريق الأولى، فخذها من نكات الموصولية، فإنها تعم النكتة.

والسكاكي جعل البيت من الإيماء إلى وجه بناء الخبر ليتوسل به إلى التنبيه على الخطأ. والمصنف عدل عنه، وجعله للتنبيه على خطأ لأنه لا إيماء في الموصول إلى وجه بناء الخبر، لأنه يقتضي بناء نقيضه عليه، ورده الشارح المحقق بأن الذوق والعرف شاهدا صدق على أن التعبير عمن يعتقده المخاطب أخا له لمن يظنه أخا يومي إلى أن الخبر عنه يكون بما ينافي الأخوة، ولا يخفى أن خطأهم مستفاد من الموصول كالإيماء من غير أن يتوسط في ذلك الإيماء، وجعل الإيماء ذريعة لا يصفوا عن شائبة التكلف، فلم يخطئ في العدول، وإن أخطأ في نفي إيماء الموصول، إلا أن يقال: المراد: التنبيه الواضح الحاصل من البرهان، والموصول قد يكون للتنبيه على صواب، نحو: إن الذي رأيته محبّا لك لم يقصر في محبتك.

(أو الإيماء إلى وجه بناء الخبر وعلى جهته) أقول في القاموس: وجه الكلام السبيل المقصود، فالإيماء إلى وجه بناء الخبر الإيماء إلى سبيل بناء الخبر وإنه إلى أي مقصد ينتهي بعد معرفة بنائه، ولذا قال المفتاح: إلى وجه بناء الخبر الذي نبه عليه إشارة إلى أن الإيماء إنما يتم بعد تحصيل بنائه، وإنما قال: الخبر لأن الكلام في الخبر، وشأن الحكم المشترك بينه وبين الابتداء أن يعرف بالمقايسة فالمقصود أن (نحو إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (١) يومئ إلى أن سبيل الخبر عن دخولهم جهنم صاغرين كون دخولهم على هذه الصفة على طبق استكبارهم عن العبادة، وقوله [إن الذي سمك السماء] (٢) يومئ إلى أن


(١) غافر: ٦٠.
(٢) البيت للفرزدق، يفتخر ببيته في تميم على جرير، لأنه كان من ذوي الشرف فيهم، وليس المراد بالبيت الكعبة كما ذكر الدسوقي في حاشيته على المختصر، انظر البيت في الإيضاح (٤٤)، ... -

<<  <  ج: ص:  >  >>