للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبِّهِمْ (١) من خلاف مقتضى الظاهر من وجهين فاعرفهما، وكذا في قوله [أولئك آبائي فجئني بمثلهم] (٢) فالبحث عنه خروج عن مقتضى الظاهر. (نحو قوله) أي ابن الرومي [هذا أبو الصقر فردا في محاسنه] جمع حسن، على خلاف القياس [من نسل شيبان بين الضال والسلم] (٣) النسل الولد، وشيبان بن ثعلبة أبو قبيلة، صار اسما للقبيلة، وما في البيت يحتملها، والضال والسلم شجران بالبادية، وكونه من نسل شيبان يعني كرماء العرب، وكونه بين الضال والسلم يعني من خلص العرب وفصحائهم، أو من أعزة الناس؛ لأن فقد العز في الحضر كما قيل، أو من سادات العرب التي لهم مرعى ومسكن لا ينازعهم الغير فيه، وإن كان داخلا في محاسنه، لكن ذكره، لأن المتبادر منه غير النسب والفصاحة وصيانة العز، ولم يتعرض لبيان الإعراب لأنه نوع من الإسهاب.

(أو التعريض بغباوة السامع) حتى كأنه لا يدرك غير المحسوس على ما قيل، أو حتى كأنه لا عقل له، وإنما قوته الإدراكية الحس كحيوانات العجم، لا لأنه لا يفهم ما لم يميز الشيء كمال تمييز حتى يجعله هذه النكتة من فروع قصد التمييز أكمل تمييز، كما في المفتاح، ويمكن التعريض باسم الإشارة لفطانة السامع إشارة إلى أنه يدرك كل شيء إدراك المحسوس، وبأن المشار إليه متعين غاية التعين، حتى كأنه محسوس لكل أحد.

(كقوله) أي الفرزدق [أولئك] يحتمل أن يكون للتعريض بتعين آبائه [آبائي فجئني بمثلهم] أي اذكر لي مثلهم من آبائك، ففيه تهكم يناسب هجاءه أو من فرق الناس، وهو المناسب لمقام مدح آبائه، قيل الأمر للتعجيز، نحو فَأْتُوا بِسُورَةٍ


(١) البقرة: ٥.
(٢) البيت للفرزدق في ديوانه (١/ ٤١٨)، أساس البلاغة (جمع)، الإشارات والتنبيهات (١٨٤)، والتبيان للطيبي (١٥٧)، والمفتاح (٩٨)، وشرح المرشدي على عقود الجمان (١/ ٦٠)، والإيضاح (٤٦)، والتعريض بالغباوة ناشئ عن استعمال اسم الإشارة في آبائه وهم غائبون لموتهم.
(٣) البيت لابن الرومي، أبو الحسن بن علي بن العباس بن جريج الرومي، الشاعر العباسي الهجّاء، المتوفى سنة ٢٨٣ هـ، وهو في مدح أبي الصقر الشيباني وزير المعتمد الخليفة العباسي، والضال:
شجر السدر البري، والسلم: شجر ذو شوك، وهما من أشجار البادية، وبذكرهما حقق مراده من مدح صاحبه وأهله بالبداوة، وأنه لم يفسدوا بالحضارة.
انظر البيت في الإيضاح (٤٥)، والمفتاح (٩٨٠)، والإشارات والتنبيهات، ولطائف التبيان (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>