باللام لأنه يلزم من اعتبار كل جماعة تكرار الحكم على الجماعات إذ ما من جماعة إلا وهى داخلة فى جماعة فوقها ونحن نقول: يلزم تكرار الحكم على آحاد الجنس أيضا؛ إذ ما من واحد إلا وهو داخل فى جماعات متعددة فإن قلت: أيلزم التكرار فى استغراق المفرد أيضا لأن الحكم على كل واحد حكم على كل اثنين وعلى جماعة؟ قلت: هذا من قبيل استثناء الثبوت بالإثبات أو ثبوت الحكم لكل واحد يستلزم الثبوت استثناء لكل اثنين ولكل جماعة، لكن الحكم على كل واحد لا يستلزم الحكم على الاثنين، فإن قلت: جعل الجمع مستغرقا للمجموع لا يمكن بدون التكرار فهو ضرورى، والتكرار بالضرورى يعفى عنه قلت: قولنا: كأنه بطلت الجمعية لذلك، وفيه إشارة إلى أن إهمال الجمعية العائدة إلى أمر اللفظ أهون من ارتكاب التكرار؛ لأن فيه إهمال جانب المعنى ولا يخفى أن المثنى المستغرق أيضا يستلزم التكرار؛ إذ قولنا كل رجلين يستلزم دخول زيد مثلا مرارا غير متناهية فى الحكم، ولم يثبت أنه بمعنى كل رجل، وبالجملة هذا الجمع المحلى باللام داخل فى استغراق المفرد، فنقض الشارح القاعدة الكلية به باطل لما عرفت سابقا من وجهين فتذكر.
وقد يأتى الجمع المعرف باللام لإرادة الجميع فيكون: جاءنى الرجال فى معنى جاءنى جميع الرجال، وهو هذا المعنى ليس دون المفرد فى الشمول، ووجه إفادة استغراق الأجزاء مع أن اللام ليس معناه إلا تعريف المفهوم هو أن الأولى بالقصد فى المقام الخطابى الفرد الأشمل من الجمع، وجزء ليس بأولى من جزء فيشمل جميع الأجزاء.
واعلم أن السيد السند جعل «لا رجال» محتملا لأن يقصد به معنى لا رجل تحرزا عن التكرار كما فى المعرف باللام وفيه بحث؛ لأنه يتوقف على أن يثبت قصد معنى المفرد به من أئمة اللغة، ولا يصح البناء على ما هو الباعث على إبطال معنى الجمعية فى المعرف باللام؛ لأنه سر نحوى لا يطرد، على أنه يمكن الفرق بأن مقام المبالغة فى النفى كما تشهد له زيادة «من» الاستغراقية يدفع بشاعة التكرار، ولا تعويل على ما روى عن ابن عباس، رضى الله تعالى عنه أن الكتاب أكثر من الكتب وإن قال الزمخشرى أيضا فى تفسير قوله تعالى: وَالْمَلَكُ