للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلى أَرْجائِها (١) أن الملك أكثر من الملائكة متابعة لهذا المروى؛ لأن ما حققناه سابقا مما وثّقه الكثيرون وتبعه الكشاف فى مواضع كثيرة وما قاله المفتاح:

إنّ فى اختيار المفرد المستغرق على الجمع المستغرق تكثيرا للمعنى بتقليل اللفظ، ولهذا ألطف قوله تعالى: وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (٢) لإفادته وهن كل عظم بخلاف وهن العظام فإنه يصحح وهن العظام بوهن البعض إما مبنى عليه فيكون ضعيفا وإما مبنى على أنه ربما يقصد بالجمع المعرف باللام المجموع من حيث المجموع ولهذا لا يلزم فى قولك: للرجال علىّ درهم إلا درهم واحد، فلما كان وهن العظام يحتمل أن يكون هذا المعنى قصد بتقليل اللفظ إلى تكثير المعنى قطعا فحكم الشارح المحقق ببطلان قوله: لا يخلو عن وهن. فإن قلت: لا يصح الحكم بمجىء الرجال من حيث المجموع مع تخلف واحد فكيف يصح وصف مجموع العظام بالوهن مع عدم وهن بعض؟ قلت: لأنه إذا قل قوة المجموع ثبت للمجموع وهن، إذ لم يبق القوة التى تعلقت بالمجموع بخلاف المجىء، فإنه لا يثبت للمجموع، إذا لم يثبت لجزء.

اعلم أن من لا يفرق بين الجمع المحلى باللام والمفرد كذلك فى جانب الكثرة يوافق من يفرق بينهما فى جانب القلة؛ إذ لا يصلح أن يراد بالجمع الجنس فى ضمن الواحد، اتفاقا بخلاف المفرد فإنه يصلح أن يراد به الجنس فى ضمن أى بعض إلى الواحد وهذا لا ينافى ما تقدم من أن الجمع المستغرق بطل جمعيته؛ لأنه من خواص الجمع المستغرق للزوم التكرار مع بقاء الجمعية، والمعرف بلام الجنس لا يستدعى بطلان الجمعية لعدم الموجب لا يقال: من حلف لا يتزوج النساء يحنث بتزوج واحدة وعليه قوله تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ (٣) فقد أريد بالجمع المعرف باللام إلى الواحد؛ لأنا نقول هذا من قبيل المعرف بلام الاستغراق أى لا أتزوج واحدة من النساء فهو نظير وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (٤) أى لا تخاصم عن خائن، لما أثبت إفادة المعرف باللام الاستغراق بقوله تعالى: إِنَ


(١) الحاقة: ١٨.
(٢) مريم: ٤.
(٣) الأحزاب: ٥٢.
(٤) النساء: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>