للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرة ونفس الكلمة؛ لأنها إما من قولهم: نفحت الرياح إذا هبت، أى: هبته، أو من نفح الطيب إذا فاح، أى: فوحه، ولا يرد أن بناء المرة للوحدة لا للحقارة؛ لأن النفحة إذا كانت واحدة تفيد كمال حقارة ما عبر بها عنه، والجواب: أن التنوين لتحقير النفحة لا لتحقير العذاب، وتحقير النفحة لا يستفاد من بناء المرة ولا من نفس الكلمة، نعم تحقير النفحة لغاية المبالغة فى تحقير العذاب، وهذا أظهر مما ذكروه، ونفحة السيد السند فى شرح المفتاح من أن التحقير مما يقبل الشدة والضعف فيفهم من اجتماع الدوال الثلاث أن العلة فى الغاية، وزاد فى حواشى شرح المفتاح عليه حيث قال: على أن اجتماع الدوال على مدلول واحد لا يقبل تفاوتا جائز للمبالغة فى الدلالة عليه وإيضاحه ومما جعله فى المفتاح محتملا للتهويل وبخلافة قوله تعالى: إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ (١) وقال المصنف هو ظاهر فى الثانى، ووجه قوله: أن ذكر المس والرحمن يشعر بأنه بصدد تخويفه من أدنى عذاب وإظهار شفقته عليه بحيث لا يجوز أدنى عذاب له يدفعه ما ذكره الشارح أنه لا دلالة للفظ المس وإضافة العذاب إلى الرحمن على ترجيح الثانى كما ذكره بعضهم لقوله تعالى:

لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢) ولأن العقوبة من الحليم أشد، على أن بين إضافة العذاب إلى الرحمن وإضافته إلى الحليم فرقا (ومن تنكير غيره) لا من تنكير المسند إليه كما هو ظاهر عبارة المفتاح فليحمل كلامه على ذكر النظير دون المثال (للإفراد أو النوعية) لا لمجرد النوعية كما هو الظاهر من المفتاح وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ (٣) أى: كل فرد منها من فرد للنطفة، فى الشرح هى نطفة أبيه المختصة به، ووجه التخصيص بنطفة أبيه غير ظاهر والظاهر: وهى النطفة الممتزجة من نطفة أبيه به أو كل نوع من الدواب من نوع من أنواع المياه، وهو نوع النطفة الممتزجة من نطفتى أبويه، ولا يجوز أن يراد كل شخص من الدواب من نوع من الماء؛ لأنه بعيد عن العبارة وخلاف الواقع ولا كل نوع من كل شخص من الماء لذلك لا لأنه محال كما زعم السيد السند؛ إذ لا يبعد أن


(١) مريم: ٤٥.
(٢) الأنفال: ٦٨.
(٣) النور: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>