للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة الواقعة صفة أن تكون خبرية، ووجه ذلك تارة بأن الصفة فى الأصل خبر حتى قيل: الأوصاف قبل العلم بها أخبار، والأخبار بعد العلم بها صفات والخبر يجب أن يكون جملة خبرية، ورد بأن ذلك من باب اشتباه خبر بخبر؛ لأن الخبر بمعنى ما يحتمل الصدق والكذب لا يصح أن يكون إنشاء لا خبرا لمبتدأ، والوصف فى الأصل خبر المبتدأ، نعم: الحكم بأن الأخبار بعد العلم بها أوصاف ليس كليا بل الأكثر ذلك على أن لنا أن نقول: الأخبار بعد العلم بها أوصاف مطلقا وليس الخبر الذى هو إنشاء مما يتعلق به العلم والتصديق فهذا الحكم مما يخصص المحكوم به لا محالة، فخبر المبتدأ لا يطلب إلا إسنادا إلى المبتدأ سواء كان على وجه الإنشاء أو الإخبار ألا يرى إلى قولك أزيد قائم؟ ويصح إسناد الجملة الإنشائية إلى المبتدأ على وجه الإنشاء فيقال: زيد اضربه، ووجه تارة أخرى بأن الصفة يجب أن تكون معلومة الإنشاءاتت إلى الموصوف يتميز به عند المخاطب، وما هو ثابت للغير يجب أن يكون ثابتا ولا ثبوت لمدلول الإنشاء معه؛ لأنه إما طلب لأنه لا بد له من أمر غير حاصل، وإما غيره من التمنى وصيغ العقود فالجمع يتعلق بأمر غير حاصل.

ودفع بأن مضمون الإنشاء هو الطلب أو التمنى أو إحداث عقد شرعى وكلها حاصل مع الجملة ويرد أيضا أن هو معلوم الإنشاءات لا يجب أن يكون حاصلا ألا ترى إلى قولك: رجل يأتينى، ووجه مرة أخرى بأن الصفة يجب أن تكون معلومة للمخاطب قبل الوصف، والجمل الإنشائية تحصل مدلولاتها بنفس اللفظ ويعلم حين التلفظ به، ولا يعلم قبل الوصف وأورد عليه الشارح المحقق أن وجوب علم المخاطب بالصفة كلام ذكره المفتاح وكلام الكشاف يشعر بأنه فى الصلة دون الصفة حيث قال فى قوله تعالى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ (١) أن الصلة يجب أن تكون قصة معلومة للمخاطب فيحتمل أنهم علموا ذلك بأن سمعوا قول الله تعالى فى سورة التحريم: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ (٢) ثم قال: وإنما جاءت النار هنا معرفة وفى سورة


(١) البقرة: ٢٤.
(٢) التحريم: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>