التحريم نكرة لأن الآية فى سورة التحريم نزلت أولا بمكة فعرفوا منها نارا موصوفة بهذه الصفة ثم جاءت فى سورة البقرة مشارا بها.
وأجاب بأن المخاطبين فى سورة التحريم هم المؤمنون فيحتمل أنهم علموا ذلك بسماع من النبى صلّى الله عليه وسلّم، والمشركون لما علموا ذلك بسماع الآية، خوطبوا فى سورة البقرة، ويرد عليه أن المؤمنين لو سمعوا ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لوجب أن تعرف النار لهم كما عرف للمشركين فى سورة البقرة وأيضا لا وجه حينئذ لتوجيه العلم بالصلة فى الآية بإسناده إلى سماع آية سورة التحريم؛ لأن سماعهم إنما يفيدهم لو علموا قبل سماعهم مضمون الصفة وحينئذ يستند الصلة والصفة فى الاثنين إلى ذلك العلم، وأيضا سماع المنكرين آية سورة التحريم لا يفيدهم العلم حتى يصح جعل الجملة صلة، وأجاب السيد السند بأن الإدراك المطلق كاف فى جعله صلة، وهو خلاف المنقول والمعقول بل الجواب أن الإنكار عن عناد لا ينافى استفادة العلم ويمكن أن يجاب عن الشبهتين الأوليين بأن الصلة والصفة وإن تشاركا فى وجوب العلم بمضمون الجملة لكن الصلة امتازت بوجوب العلم بالمحكوم عليه بها بأن يجعل ملحوظا بها، فالإيراد صلة مستند إلى سماع اتقوا نارا وقودها الناس والحجارة؛ لأن النار تعرف مضمون الجملة وقوله: اتقوا نارا مستندا إلى سماع من النبى عليه السّلام أن بعض النار كذلك وقودها الناس والحجارة، ولا يكفى فى عهدية النار معرفة وأن بعض النار كذلك، بل لا بد من معرفة النار بهذه الجملة فلهذا نكرت فى التحريم وعرفت هنا ولا يبعد أيضا أن يقال: لا يكفى فى التعريف العهدى معرفة الشىء مطلقا بل معرفة ينتقل إليها فى الإيراد معرفة فيقتضى معرفة شىء فى القرآن إيراده ثانيا معرفة ولا يقتضى معرفته عن النبى صلّى الله تعالى عليه وسلم إيراده فى القرآن معرفة.
وأورد على قول الكشاف أن الآية فى سورة التحريم نزلت أولا بمكة أنه ينافي ما صرح به فى أول سورة التحريم بأنها مدنية وما قد سبق منه أيضا أن المصدر ب «يا أيها الناس» مكى وب «يا أيها الذين آمنوا» مدنى، ويمكن أن يجاب عن الأول بأنه يحتمل أن يكون هذه الآية نازلة فى المكة (١) وحدها، والسورة نازلة فى