للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه متصفا بالخبر كونه متصفا به على وجه الاستمرار، وبقوله لا نفس الخبر لا مجرد الإخبار فالخبر الثاني بمعنى الإخبار، ولعدم تنبه المصنف له خفى الحال عليه وأيد ذلك بأنه قال المفتاح كما إذا قيل لك: كيف الزاهد؟ فتقول: الزاهد يشرب، فإن كيف إنما يسأل بها عرفا عن الحال المستمرة في أكثر الأوقات فبشرب الزاهد يدل على مجرد صدور الشرب عنه في الحال أو الاستقبال، والزاهد يشرب يدل على صدوره عنه حالة فحالة على سبيل الاستمرار واعترض عليه بأن الاستمرار التجددي إنما يستفاد من المضارع بقرينة سواء قدم المسند إليه أو أخر فلا يكون وجها للتقديم، ويمكن دفعه بأن مراد المفتاح أن تقديم المسند إليه؛ لأن المطلوب اتصافه بالخبر على الاستمرار التجددي والفعل مع تقديم المسند إليه أدل عليه؛ وذلك لأن قولك: الزاهد يشرب وضع الفعل فيه موضع المفرد لأن الأصل في الخبر الإفراد، فإبزاز الاسم في صورة المضارع للدلالة على الاستمرار التجددي، وأجاب السيد السند عن اعتراض الإيضاح في شرح المفتاح بأن مراد المفتاح أنه إذا كان المطلوب موصوفية المسند إليه لا وصفية الخبر فإن للإخبار عن شرب الزاهد اعتبارين أحدهما: أن يكون الكلام في الزاهد وأنه هل يصدر عنه الشرب؟ فالمطلوب هنا: موصوفية الزاهد فيقال: الزاهد يشرب، وثانيهما: أن يكون الكلام في الشرب وأنه هل تقع وصفا للزاهد فيقال: يشرب الزاهد؟ ومنها ما قاله من أن التقديم يكون لزيادة تخصيص كما في قوله: [متى تهزز بني قطن تجدهم] أي: متى تحرك وتبعث هذه القبيلة تجدهم: [سيوفا في عواتقهم سيوف] أي: تجدهم سيوفا في قطع الأمور والنوائب وفي سرعة التحرك والسيوف لا تنتقل عن عواتقهم؛ لأنهم يكفون الأمر بذواتهم ومهابتهم من غير حاجة إلى إعمال السيوف. [جلوس في مجالسهم رزان] يحتمل أن يكون جملة مفعولا ثانيا لتجدهم أي تجدهم بهذه الصفة من كون الجلوس في مجالسهم أصحاب وقار لتأثير وقارهم في تلك الجلوس، وقيل: خبر مبتدأ محذوف أي: هم جلوس ... إلخ.

[وإن ضيف ألمّ فهم خفوف] (١) قالوا: هو جمع خاف بمعنى: خفيف والأظهر أن


(١) البيتان في المدح بالشجاعة والحكمة والكرم، وبنو قطن هم القوم الممدوحون، وتهزر: تهيجهم للحرب، العواتق: جمع عاتق، وهو من الكتف موضع حمالة السيف.
انظر البيتين في: التبيان للطيبي (١/ ١٧٢)، والمفتاح (١٠٥)، والإيضاح (٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>