أي: بالمسند لا ردّا على من زعم انفراد المسند إليه به كما في القسم السابق، وهو قصر قلب على ما ستعرف.
(أو زعم مشاركته فيه) أي: مشاركة الغير في المسند، أو في احتمال كون المسند إليه فهو قصر إفراد أو تعيين، فالفرق بين ما يلي حرف النفي وما لا يليه:
أن الأول لتخصيص المسند إليه بالنفي، والثاني لتخصيصه بالخبر، وأن الأول رد على من زعم انفراد المسند إليه بالخبر، والثاني على من زعم انفراد الغير به، وأن الأول للتخصيص، والثاني للتخصيص، أو التقوى، وإنما قلنا: زعم انفراد غيره بخصوصه؛ ليخص الكلام بغير المنكر كما يقتضيه قوله فيما بعد، وإن بنى الفعل على منكر، فإنه تفصيل لتخصيص المنكر على خلاف ما بينا لك، فإن التخصيص في المعرف بخصوصه ورد على ثبوت الحكم لغيره من حيث الخصوص، وفي المنكر تخصيص بالمسند إليه بحسب الجنس أو الوصف، ورد على من زعم انفراد الغير بحسب الجنس أو الوصف، لأن الخصوص غير معلوم حتى يعتبر الغير بحسب الخصوص، والتفصيل في المنكر في مجرد التخصيص لعدم التفاوت في التقوى، فالمراد بتخصيص المسند إليه في هذين القسمين تخصيص خصوصه، وإن بنى الفعل على منكر أفاد تخصيص الجنس أو الواحد.
فقولك: ما رجل جاءني، تخصيص جنس الرجل أو الرجل الواحد بالنفي، وقولك: رجل جاءني، تخصيص جنس الرجل أو الواحد منه بالمجيء، فعلم بهذا أن قوله: وإن بني الفعل على منكر لا يخص بالقسم الثاني، وإنه لا يوجب أن لا يكون المنكر للتقوى حتى يرده إشارة الشيخ في دلائل الإعجاز إلى كونه للتقوى أيضا (نحو أنا سعيت في حاجتك) لأحد الفرضين، فهو مثال للتخصيص كما يصرح به قوله:(ويؤكد على الأول بنحو لا غيري)، مثل: لا غيرك، ولا غيره، ولا زيد، ولا عمرو، ولا ما سواي (وعلى الثاني بنحو وحدي)، مثل:
وحدك، ووحده، ومنفردا، ومتوحدا، ولا غيري- أيضا- فافهم.
وفيه دفع شبهة ربما يختلج في صدرك من أنه لو كان التقديم للتخصيص لما يجتمع مع مثل قولك: وحدي، ولا غيري، فدفعه بأنه لتأكيد التخصيص، ووجه تخصيص كل تأكيد بقسم مع أن كل تخصيص تشتمل على وحدة