أو العدد (أو) قوله: (الواحدة) لا يتناول: رجلان جاءني، فإنه التخصيص الجنس أو العدد، أي: رجلان جاءني لا رجل واحد؛ لأنا نقول: رجلان جاءني التخصيص العدد، ولا يحتمل تخصيص الجنس؛ لأن التثنية أو الجمع نص في العدد لا يحتمل التجريد عنه، بخلاف التنوين، فإنه كثيرا ما يجرد عن العدد، نعم إطلاق المنكر منكر، ومن موجبات ضعف الإطلاق: أن المصدر غير المرة لتخصيص الجنس دون الواحد والمراد بالجنس المفهوم الكلي حتى أن رجلا طويلا جنس صرح به الشيخ لكن ينبغي أن يعلم: أن قولك: رجل واحد جاءني لتخصيص الواحد دون الجنس؛ لأن الواحد لكونه نصّا في الوحدة لا يمكن تجريده عنها، ولو أريد بالتنوين التحقير، أو التقليل، أو التكثير يكون لقصر الجنس الحقير، أو القليل، أو الكثير دون الواحد (نحو رجل جاءني أي: لا امرأة أو لا رجلان) أو لا ثلاثة إلى غير ذلك، والأعذب في قصد قصر الجنس الرجل جاءني بالتعريف الجنسي (ووافقه السكاكي على ذلك) أي: على إفادة التقديم التخصيص والتقوي، لكن لم يجعل تقديما للتخصيص قطعا من غير أن يقصد به مجرد التقوي كما جعله الشيخ ما يلي حرف النفي كذلك، وجعل من التقديم ما هو لمجرد التقوى قطعا بخلاف الشيخ، فإنه ليس تقديم قطع فيه لمجرد التقوى عنده.
وإلى هذا التفاوت أشار بقوله:(إلا إنه قال) أي: لكنه قال: (التقديم يفيد الاختصاص إن جاز تقدير كونه في الأصل مؤخرا على أنه فاعل معنى فقط، نحو: أنا قمت) قدمه على التقدير؛ لأن التقدير فرعه، ولم يقتصر على التقدير، مع أن التقدير لا ينفك عن الجواز لاحتمال أن يفارق تقدير التقديم الجواز، ولا يتوقف عليه، فصرح بالجواز تنبيها على أنه لا بد منه في التقدير أيضا، ولا يبعد أن يقال: المراد جواز التقدير بلا تكلف (وقدر) فقولك: ما أنا قلت يفيد التخصيص لو قدر أصله: ما قلت أنا، ويتجه عليه أنه حينئذ يبطل ما حكم به من عدم صحة: ما أنا قلت هذا، ولا غيري، وما أنا رأيت أحدا، وما أنا ضربت إلا زيدا؛ لأنه لو لم يقدر التأخير يكون غير مفيد للتخصيص فلا يلزم شيء من المفاسد فتأمل.