للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإلا) أي: إن لم يجز تقدير التأخير على أنه فاعل معنى فقط (فلا يفيد إلا تقوي الحكم جار كما مرّ) في نحو: أنا قمت (ولم يقدر)، ومن أمثال أنا قمت:

هو عرف، فإن هو في قولك عرف هو لا يحتمل كونه فاعلا لفظا (أو لم يجز نحو زيد قام) فإن زيدا لو قدر مؤخرا لكان فاعلا لفظا لا معنى فقط، وقال الشارح:

لم يجز تقديره مؤخرا؛ لأنه يلزم تقديم الفاعل لفظا وهو لا يجوز، والمراد بنحو:

زيد قام: ما يكون المسند إليه فيه مظهرا فإنه عند التأخير يصير فاعلا لفظا هذا كلامه، وفيه بحث؛ لأن «زيد قام» يوضع الظاهر موضع المضمر المسند إليه فيه مضمر، مع أنه لو أخر يكون فاعلا كما في: هو قام، فتقول: المراد بنحو: زيد قام أن يكون المسند إليه مظهرا معنى، وهذا ينافي ما سبق أن نحو زيد والفاعل مضمرا، وكذا: زيد ضربته، فإنه لو قدر مؤخرا أيضا لصار مفعولا معنى، وهذا ينافي ما سبق أن نحو: زيد ضربته، لا يفيد تقوي الحكم عنده؛ لأنه يفيد أنه يفيد التقوي، وقدم المصنف نقيض التقدير على نقيض الجواز على عكس ترتيب الجواز، والتقدير لنكتة دقيقة لا يتبصر بها إلا البصائر المحيطة بأخفى الضمائر، وهو أن النفي المستفاد من قوله: وإن لا يرجع أولا إلى التقدير الذي بمنزلة القيد للجواز.

(واستثنى) السكاكي (١) (المنكر) الصرف الذي ليس فيه شائبة التخصيص بقرينة قوله: لئلا ينتفي التخصيص، ولك أن تجعل صيغة التفضيل للمبالغة في النكارة، فتفيد بها صرافة النكارة، والاستثناء من حكم مستفاد من قوله: وإلا فلا يفيد إلا تقوي الحكم، أي: إن لم يجز تقدير كونه في الأصل مؤخرا على أنه فاعل معنى فقط بلا تكلف لا يفيد إلا تقوي الحكم إلا المنكر الصرف؛ فإنه لا يجوز تقدير كونه مؤخرا فقط بدون تكلف، وهو لا يفيد إلا التخصيص وهو أظهر، قال الشارح المحقق: إن المراد أنه أخرج السكاكي المنكر عن كونه فاعلا لفظا وجعله فاعلا معنى (بجعله من باب وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (٢) أي: بجعل المسند في الأصل مسندا إلى ضمير مبهم، تفسيره: إبدال الظاهر منه،


(١) انظر المفتاح ١١٩، ١٢٠.
(٢) الأنبياء: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>