وإنما قال:(أي على القول بالإبدال من الضمير) إشارة إلى قول آخر فيه، وهو أن الواو في الفعل قد يكون علامة الجمع فقط كما في الصفة من غير أن يكون فاعلا، ولا يخفى ما فيه من وجوه البعد من قلة نظائر وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا والخلاف في كون الواو ضميرا أو تغيير الضمير من الإبهام إلى التعيين بالتقديم، فيلزم المخالفة الفاحشة بين الأصل المقدر وما عدل إليه، وإنما ارتكب هذه الأمور (لئلا ينتفي التخصيص) الذي شرط كون المبتدأ نكرة (إذ لا سبب له)، أي: لهذا التخصيص (سواه أي) سوى كونه في الأصل فاعلا معنى، فكما لا يحتاج فاعلية النكرة إلى مخصص سوى تقديم المسند لم يحتج هذا الابتداء إليه سوى تقديم المسند في الأصل، ولا يخفى أنه لا يحتاج المنكر الصرف على إطلاقه إلى الاستثناء؛ إذ بقرة تكلم وكوكب انقض الساعة إلى غير ذلك لا يحتاج إلى مخصص.
وقوله:(بخلاف المعرف) يفيد: أن للمعرف سببا للتخصيص سوى تقديم المسند في الأصل ولا يخفى فساده، فلذا جعل الشارح تقدير الكلام وإذا انتفى التخصيص لم يصح وقوعه مبتدأ؛ بخلاف المعرف فإنه يجوز وقوعه مبتدأ من غير هذا الاعتبار البعيد، ولا يخفى أنه بعيد، كما أن جعل الضمير لا سبب له إلى كونه مبتدأ بعيدا.
(ثم قال) لا تراخي بين هذا الكلام وما سبق في كلام السكاكي كما يفيده كلمة ثم (وشرطه) أي: شرط ارتكاب هذا الوجه البعيد في المنكر (أن لا يمنع من التخصيص مانع)، وهو انتفاء فائدة القصر من رد اعتقاد المخاطب في قيد الحكم مع تسليم أصله كما أشار إليه (بقوله: كقولك: رجل جاءني على ما مر) من أن معناه: لا امرأة، أو لا رجلان، ولا يخفى أن شرط مطلق التخصيص ذلك وهو بين مستغن عن البيان، وغاية التوجيه أن يقال: يكاد يتوهم أن التوجيه الضرورة في المنكر رفعت عنه شرط التخصيص فخصّه بالتعرض لإزاحة هذا التوهم (دون قولهم: شر أهر ذا ناب) فإنه فيه مانعا من التخصيص (إما على) التقدير (الأول) وهو تخصيص الجنس (فلامتناع أن يراد المهر شر لا خير) إذ المهر لا يكون إلا شرّا أو ظهور الخير للكلب لا يهره ولا يفزعه (وأما على) التقدير