للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخاطب، حينئذ قولنا: مثلك لا يبخل في معنى فلان لا يبخل، بأن تريد بمثلك فلانا على وجه الاستقامة دون الكناية؛ لأن الإضافة العهدية تفيده من غير كناية، وفي معنى: مثلك مطلقا لا تبخل، فإنك تريد فيه غير المخاطب من غير دلالة خفية فينبغي أن يجعل قوله: من غير إرادة التعريض بغير المخاطب إشارة إلى أن التقديم لا يلزم في شيء من هذه الصور، ولا يخص بما خصه السيد السند، وغاية التوجيه: أنه أراد الدلالة الخفية، وفيه على أن مثلك لا يبخل اشتهر في معنى: أنت لا تبخل، إلى أن صار دلالته على غير المخاطب بوجه من الوجوه خفية وبما ذكرنا ظهر أن قوله من غير إرادة تعريض بغير المخاطب تأكيد لقوله بمعنى: أنت لا تبخل، لا قيد ثان حتى لو كان مع إرادة المخاطب تعريض بغير المخاطب لم يكن التقديم كاللازم على ما وهم. كيف؟ .

وقوله: (لكونه أعون على المراد بهما) يقتضي لزوم التقديم في الكل.

والظاهر أن أعون من العون، وإن كان استعمال الإعانة أشهر فإن قلت: لا إعانة للتأخير على المراد فكيف يصح قوله: أعون؟ قلت: كأنه أراد لكونه مثل وغير مع التقديم أعون على المراد بهما منهما مع التأخير، فإن قلت: إن كان المخاطب منكرا أو مترددا، فتقديمهما واجب أو حسن، وإن كان خاليا تقديمهما غير جائز، فكيف صح الحكم بلزوم التقديم؟ قلت: كأنه أريد: أن التقديم ليس لقصد تقوية الحكم للرد، بل لكونه أعون على ما هو المراد من لفظ مثل، وغير من إيراد الحكم على وجه أبلغ، لا للرد، فإن كون الحكم أبلغ ليس للرد، إذ لم يقل أحد: أن قولنا: جاءني أسد للرد على المخاطب على أنك سمعت عن الشيخ وغيره: أن التأكيد ربما يكون لفوائد أخر غير رد الإنكار وإزالة التردد، وإن تكلمنا فيه، ولا يذهب عليك أن هذا الحكم لا ينبغي أن يخص بلفظ مثل وغير ولا بالكناية، بل يجرى في المجاز أيضا، فترى تقديم المسند إليه في: أنت تقدم رجلا، وتؤخر أخرى كاللازم؛ لكونه أعون على المراد، وهو إيراد الحكم على وجه أبلغ، إذ المجاز أبلغ من الحقيقة.

(قيل: وقد يقدم) (١) المسند إليه، وذلك إذا كان المسند إليه مقارنا بما


(١) القائل هو بدر الدين ابن مالك في المصباح ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>