للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفيد شمول القصد لجميع أفراده كلفظ كل وما يجري مجراه، وكان المحكوم به منفيّا وكان بحيث لو قدم صار المبتدأ فاعلا بخلاف قولك: كل إنسان لم يقم أبوه، فإنه لا يفوت فيه العموم لو قيل: لم يقم أبوه كل إنسان، وعند النحاة هذا التقديم بخوف التباس المبتدأ بالفاعل حتى إنه يجب في: زيد لم يقم أيضا وإن لا يفوت العموم في قولك: لم يقم زيد، ومما لتضمنه هذا المفعول أنه قد يقدم؛ لأنه لا يدل على العموم كما في: إنسان لم يقم بخلاف: لم يقم إنسان، فإنه يدل على العموم ويستفاد منه نكتتان للتأخير: إحداهما: الدلالة على العموم والأخرى:

الاحتراز عنها، ولا يخفى أن هذا التقديم ليس داخلا تحت الأصل الذي هو الأهمية المفسر وجهها بالدلالة على العموم، بل الدلالة على العموم بذاتها يستدعي التقديم؛ لأنها حاصلة من نفس التقديم، ولا يخفى أن دلالة التقديم على العموم يترتب على الحقيقة، فيصح أن يكون عرضا منه كما يفيده قوله: (لأنه دال على العموم) أي: شمول الحكم لجميع أفراد المسند إليه، وليس المراد بالعموم ما يوصف به اللفظ حتى يشكل جعل التقديم دالا عليه، على أنه إذا كان اللفظ دائرا بين كونه عاما وغير عام، فلا بأس بأن يجعل شيئا دالا على عمومه، ويتوسل بعمومه إلى شمول الحكم؛ لأن الأعذب جعل التقديم دليلا على شمول الحكم مستلزما بعموم اللفظ.

ووجه دلالة التقديم على العموم أنه بالتقديم يكون الحكم موجبا، فيشمل الكل وثبوت النفي لكل واحد عمومه وشموله (بخلاف ما لو أخر) أي: بخلاف التأخير على أن «ما» مصدرية (نحو لم يقم كل إنسان) فإنه يصير الحكم سالبا، ويكون رفعا للإيجاب الكلي، فلا يفيد شمول النفي (فإنه يفيد نفي الحكم) أي:

المحكوم به (عن جملة الأفراد) أي: عن جميع الأفراد (لا عن كل فرد)، وإنما قال بخلاف التأخير، لأنه لو كان العموم متحققا في كل من صورتي التقديم والتأخير لا يصح التقديم؛ لكونه دالا على العموم كما في كل إنسان قام، وقام كل إنسان، لكن الحاجة إليه لدفع الوهم، ونظرا لتحقيق لا يلتفت إليه؛ لأنه إذا ساوى التقديم والتأخير في العموم فلا دلالة لشيء منهما عليه، فلا يتصور فيه التقديم للدلالة على التعميم، ونحن لا نعرف فائدة لكلمة (لو) في قوله ما لو أخر

<<  <  ج: ص:  >  >>