للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورتين تأسيس لا تأكيد، ومقتضى قوله: (ولأن الثانية) أي: السالبة المهملة، نحو: لم يقم الإنسان (إذا أفادت النفي عن كل فرد فقد أفادت عن الجملة فإذا حملت) كل (على الثاني لا يكون تأسيسا) إن كلا إذا أفادت ما أفاده التركيب قبل دخوله تأكيد: قلت: الجواب الثاني مبني على تسليم أن كلا تأكيد، ففي هذا الجواب تسليم ما منع في الأول وقد نبه عليه المصنف في الإيضاح حيث قال: وإن سلمنا أن يسمى توكيدا يعني: لو اصطلح على تفسير التوكيد بما يفيد معنى يحصل بدونه، ولا مسامحة فيه، فالثانية بعد الحمل على ما حملت لا يكون تأسيسا، بل تأكيدا، ولا يكون فيه ترجيح التأسيس على التأكيد، بل ترجيح تأكيد على تأكيد، ولا يخفى أنه يمكن أن يناقش حينئذ- أيضا- بأن ما هو المشهور: أن التأسيس خير من التأكيد بالمعنى الاصطلاحي (١)، ولهذا أوضح بأن الإفادة خير من الإعادة، وأما كون التأكيد بهذا المعنى خيرا من التأسيس المقابل له فغير بين ولا مبين، وكيف ولا يتحاشى أحد من استعمال بعض الإنسان لم يقم، ولم يقم بعض الإنسان مع أنه يفيد فائدتهما مع الإنسان لم يقم، ولم يقم الإنسان؟ وأجاب الشارح عما ذكره المصنف بأن إفادة النفي في الجملة في ضمن إفادة النفي عن كل فرد خلاف بعض مع الثبوت لبعض، وكل إفادته على الوجه المحتمل؛ لأن يكون في ضمن النفي عن كل فرد، وفي ضمن النفي عن بعض مع الثبوت لبعض، والكل يفيد الثاني، والمفاد قبل الكل هو الأول فيكون تأسيسا وفيه ضعف؛ لأن: لم يقم كل إنسان لنفي الشمول مع بقاء أصل الفعل كما سيجيء.

فالجواب الصحيح: أن النفي عن الجملة مع كل بأن يكون منفيّا عن البعض ثابتا لبعض، وهذا المعنى غير النفي عن الجملة بأن يكون منفيّا عن كل فرد كما كان قبل كل ومنهم من أجاب بأنه إذا حمل الكل على الثاني يكون تأسيسا؛ لأن دلالة: لم يقم إنسان عليه بالالتزام، ودلالة: لم يقم كل إنسان بالمطابقة، ويكفي في التأسيس اختلاف الدلالتين، ورده الشارح بأنه يلزم حينئذ أن لا يكون كل إنسان لم يقم على تقدير جعله للنفي عن جملة الإفراد تأكيدا، لأن


(١) يريد بالتأسيس إفادة معنى جديد، والتأكيد خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>