دلالة قولنا: إنسان لم يقم بطريق الالتزام، وهو ظاهر، ولا يخفى عليك أن دلالة كل إنسان لم يقم أيضا على النفي عن الجملة بطريق الالتزام؛ لأنه لإثبات عدم القيام للكل، ويلزمه النفي وإن دلالة: لم يقم إنسان على النفي عن جميع الأفراد- أيضا- عند المستدل بطريق الالتزام؛ لأنه في قوة الكلية، فلو كان: لم يقم كل إنسان، بعموم النفي لم يكن تأكيدا، ولك أن تمنع بطلان ترجيح التأكيد على التأسيس؛ لأن استعمال كل في التأكيد أكثر، فالأصل فيه كونه للتأكيد، وأن تدفعه بأنه لا اشتباه في أن الإفادة خير من الإعادة، وذلك يقتضي بطلان ترجيح التأكيد على التأسيس فلا تسمع المنع ما لم يعارض هذه المقدمة أمرا لا اشتباه فيه، وكون كل في التأكيد أكثر إنما يسلم إذا أضيف إلى الضمير، فإنه لا يكون إلا تأكيدا أو مبتدأ، وبعد ثبوته لا يقاوم تلك المقدمة؛ لأن في اعتباره ترجيح جانب اللفظ، وفي اعتبار هذه المقدمة ترجيح جانب المعنى، وإذ دار الأمر بين رعاية المعنى وبين رعاية اللفظ يراعى المعنى؛ (ولأن النكرة المنفية إذا عمت كان قولنا: لم يقم إنسان سالبة كلية لا مهملة)، ولا في قوة الكلية، فإن قلت: هذا لا يضر هذا القائل فيما هو بصدده من ترجيح التأكيد على التأسيس، بل ينفعه؛ لأن كونه سالبة كلية أقوى في إثبات مطلوبه من كونه في قوتها قلت: نظر المصنف لم يقتصر على تزييف دليله، بل عم ذلك، وخطأه في الاصطلاح، ومقصوده: التنبيه على فساد جعله مهملة لئلا يتخذ قوله مذهبا، ومنشأ غلط ما شاع في كتب الميزان من تعيين الأسوار وعدم اطلاعه على التحقيق الذي ذكره الشيخ في الإشارات من أن كل ما يدل على كمية الأفراد فهو سور حتى اللام والتنوين، وبهذا أظهر أن قصر النظر على تخطئة القائل في السالبة المهملة من قصور النظر إذ جعل: إنسان لم يقم- أيضا- مهملة خطأ، ولما كان ما ذكره من الدعوى صدقا، وكان المناقشة مع القائل فيما ذكره من التوجيه أراد أن ينبه على ذلك دفعا؛ لتوهم بطلان الدعوى من تزييف التوجيه فأتي عقيبه بكلام الشيخ.
قال في الإيضاح في هذا المقام: اعلم أن ما ذكره هذا القائل من كون كل في النفي مفيدة للعموم تارة، وغير مفيدة أخرى مشهور، وقد تعرض له الشيخ