للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد القاهر وغيره هذا (وقال عبد القاهر: إن كانت) (١) كلمة (كل داخلة في حيز النفي) دخول الشيء في حيز النفي: أن يتعلق النفي بثبوت الشيء له، أو بثبوته لشيء، أو يتعلق شيء به، أو بتعلقه بشيء، ولما كان يتوهم أن الداخل في حيز النفي ما دخل عليه أداته دفع ذلك الوهم بالتعميم فقال: (بأن أخرت عن أداته)، أي: بلا فاصلة سواء كانت معمولة لها أو لا، ولا يخفى أن يناسب هذا الفن حرف النفي، وأداة النفي لغة أرباب الميزان، وكأنه أراد آلة النفي واختيارها على حرف النفي ليشمل ليس بلا خفاء (نحو) قول أبي الطيب:

ما كل ما يتمنّى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السّفن (٢)

فكل في هذا المثال معمول للنفي على لغة دون لغة وكونه مثالا للمعمول للفعل المنفي أظهر من كونه مثالا لما أخرت عن الأداة بلا فصل؛ لأنه من مواقع اختيار النصب في كل (أو) كانت (معمولة للفعل المنفي) أو شبهه نحو: ما أنا ضارب كل رجل (نحو: ما جاء القوم كلهم) قال الشارح المحقق قدم التأكيد؛ لأن كلا أصل فيه، ولا يخفى أن التابع أن يكون التأكيد أصلا فيه دون العكس (أو ما جاء كل القوم) لم يقل: وما جاء كلهم تنبيها على أن الكل المضاف إلى الضمير لا يكون إلا تأكيدا (أو لم آخذ كل الدراهم أو كل الدراهم لم آخذ) وغير «ما» إلى «لم» لأن معمول ما لا يتقدم عليه (توجه النفي إلى الشمول خاصة، وأفاد الكلام ثبوت الفعل، أو الوصف لبعض) قال الشارح المحقق:

ولو قال ثبوت الحكم ليشمل ما إذا كان الخبر جامدا، نحو: ما كل سوداء ثمرة لكان أحسن.

قلت: وليشمل، نحو: ما كل القوم كاتبا أبوه، أو يكتب أبوه، فإنه ليس فيه ثبوت الفعل، أو الوصف لبعض، بل لمتعلق بعض، وقلت: لا بد أن يقال: أو ثبوت البعض لشيء ليشمل، نحو: ليس القوم كل العلماء، ولا يخفى بعد ذلك: أن هذه الكلية منقوضة بقولنا: ما زال كل إنسان متنفسا وبأخواته؛ لأنها لا تفيد ثبوت الفعل لبعض، بل ثبوت أمر آخر وراء الفعل للكل، وأنه يرد


(١) دلائل الإعجاز ص ١٨٦.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>