للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتمكن بالتكرار، ومن وضع المضمر موضع المظهر ما في باب تنازع العاملين، وما له رجلا، وما لها قصة، وربه رجلا، وقوله: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ (١) وأشار المصنف إلى ما أشاروا، واكتفى به ثقة بفهمك الوافي أن توفى حق الكل، وله غير نظير، فاعتذار الشارح عن غير تنازع العاملين، بأنه ليس من باب المسند إليه ليس بذلك؛ لأن ما يلوح من قول المصنف، وقد يخرج الكلام على خلافه أي: خلاف مقتضى الظاهر دون أن يقول: وقد يخرج أي: المسند إليه على خلافه يلوح بأن قصده إلى أعم، ويتأيد ذلك بتعرضه بغير المسند إليه- أيضا- مرة بعد مرة، على أنه لا ينفع ما ذكره في ضمير باب التنازع، ولا في ضمير فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ؛ لأن منه فقضيت سبع سموات، لأن الإضمار، والتفسير بالبدل شائع في الفاعل والمبتدأ- أيضا- وقد جعل الشارح المحقق من نكات وضع المضمر موضع المظهر اشتهار المرجع ووضوح أمره، كقوله تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْناهُ (٢) أي: القرآن؛ أو لأنه بلغ من عظم شأنه إلى أن صار متعقل الأذهان، نحو: هو الحي الباقي، وفي كونهما مقام الظاهر نظر؛ لأن هذا المقام مقام أضمر؛ لظهور المرجع من غير سبق ذكر، ومقام وضع المضمر موضع الظاهر مقام لم يسبق مرجع الضمير، ولم تدل عليه قرينة حال، كما صرح به المفتاح، نعم منه ما أضمر لادعاء أن الذهن لا يلتفت إلى غيره، كقوله:

زارت عليها للظلام رواق ... ومن النّجوم قلائد ونطاق (٣)

أي: زارت الحبيبة حال كونها مستورة برواق من الظلام، وحال كونها عليها قلائد، ونطاق من النجوم، فإن قلت: هل يجوز أن يكون ادعاء التقرر في الأذهان نكتة لإيراد ضمير الشأن؟ قلت: لا؛ لأنه مناف لتفسير الضمير (وقد يعكس) أي: يوضع المظهر موضع المضمر.

(فإن كان اسم إشارة فلكمال العناية بتمييزه) أي: المسند إليه أو المظهر (لاختصاصه بحكم بديع) أورد في الكلام له، والأولى لكونه محكوما عليه بأمر


(١) فصلت: ١٢.
(٢) القدر: ١.
(٣) البيت لأبي العلاء في المفتاح ص ٣٣٦ والتبيان (١/ ١٩٤) بتحقيقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>