للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الإطلاق عن أن يكون في المسند إليه، وما ذكره الشارح المحقق، وتبعه السيد السند من أن في قوله: ولا بهذا القدر أدنى تسامح؛ إذ المراد: ولا يخص مطلق النقل بهذا القدر من النقل من التكلم إلى الغيبة غير ملتفت؛ لأن العبارة بعيدة عنه جدّا، والحمل عليه تعسف، ولا يعود إليه قائل، وإنما قال عند علماء المعاني مع بيان التسمية في علم المعاني يغنى عنه، لئلا يتوهم أن التسمية اصطلاح منه، حيث اشتهر خلافه بين الجمهور؛ ولرد ما توهمه عبارة الكشاف، حيث قال: يسمى التفاتا في علم البيان، وتوجيهه: أنه جرى في استعمال علم البيان على مذهب من يسمى العلوم الثلاثة بيانا، لا أنه من علمي المعاني والبيان بحيثيتين، بل من الثلاثة ولذا ذكره السكاكي في علم البديع أيضا، لأنه من حيث اشتماله على إيراد طرق مختلفة لا يخرج عن أقسام المجاز، وليس له حال مخصوص بياني يستدعي ذكره بخصوصه في علم البيان حتى يكون سببا لتسميته، ومن قال:

إنه من العلوم الثلاثة فلا بد له من إثبات حسن عرضي به كحسن ذاتي، وفيه بحث.

قال الشارح: مأخوذ من التفات الإنسان من يمينه إلى شماله، ومن شماله إلى يمينه، قلت: لأنه فيه ربما ينتقل من التكلم إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى التكلم باسم (كقول امرئ القيس) في المرثية كذا ذكره العلامة في شرح المفتاح [تطاول ليلك] بتذكير الخطاب، وإن كان الشائع في خطاب النفس التأنيث بدليل: [ولم ترقد] بتذكير الخطاب [بالأثمد] (١) قال الشارح والسيد السند في شرح المفتاح: الأثمد- بفتح الهمزة وضم الميم- اسم موضع ويروى بكسرهما، وفي القاموس الأثمد كأحمد وبضم ميمه، أراد المصنف مزيد التصريح بأن التعبير بإحدى الطرق في مقام يقتضي الطريق الآخر التفات عنده، فاكتفى في التمثيل


(١) البيت في ديوانه (٣٣٤)، الإيضاح (٧٩)، المصباح (٣٥)، والمفتاح (١٠٧)، الطراز (٢/ ١٤٠)، خزانة الأدب (٦٠)، نهاية الأرب (٧/ ١١٧)، التبيان للطيبي (٢/ ٣٤٩).
الإثمد: موضع، والخلي: الخالي من الهموم وتتمته ...
تطاول ليلك بالأثمد ... ونام الخلي ولم ترقد
وبعده:
وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمد
وذلك من نبأ جاءني ... وخبّرته عن أبي الأسود

<<  <  ج: ص:  >  >>