الاختصاص، فكذلك ما هو في صورة المبتدأ والخبر، فاستفاد منه الشارح العلامة أنه يجوز جعل: أنا عرفت: جملة فعلية مفيدة للاختصاص بتقديم التأكيد الذي هو الفاعل المعنوي؛ ليصير في صورة المبتدأ والخبر فجرى عليه في شرح كلام السكاكي حفظا لظاهر مقاله: أن المسند إليه فاعل معنوي قدم للتخصيص، وفهم منه الشارح المحقق أنه ادعى أن: كل ما يفيد الاختصاص جملة فعلية في صورة الاسمية عند الزمخشري فتعجب من استدلاله بهذا الكلام، وقال: هذا الكلام صريح في نقيض دعواه، وحجة عليه لا له، إذ الزمخشري جعلها مفيدة للاختصاص، لكونها في صورة ما يفيد الاختصاص، نعم التعجب عن غفلة العلامة عن كلام السكاكي من جعل: رجل عرفت مبتدأ لا محالة، حيث قال: قدر تأخيره، لئلا ينتفي التخصيص المصحح للابتداء؛ إذ لا سبب له سواه (وقوله تعالى) مرفوع خبره يحتمل الأمرين (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ يحتمل الأمرين)، بل الثلاثة ثالثها: أن يكون من قبيل سلام عليك، أي: فصبري جميل (أي: أجمل) بالنصب تفسير الأمرين (أو فأمري) صوابه: الواو، لأن مفعول الاحتمال لا يكون مردودا، والأحسن في جعله محذوف المسند تقديره:
صبر جميل لي؛ لأنه مصدر، والأصل فيه النصب، وقد قرأ «فصبرا جميلا» فالأصل: فاصبر صبرا جميلا عدل إلى الرفع لإفادة الدوام، والثبات والشائع في العدول جعل معمول الفعل خبرا عن المصدر، كما في الْحَمْدُ لِلَّهِ، * وكأنه أشار بتقديم بيان المسند إلى أنه أجمل؛ لأن المقصود الأظهر من الكلام، وهو توطين النفس على الصبر يرجحه، وإن ذكر الشارح المحقق لترجيح حذف المبتدأ ستة أوجه، ورب واحد يعدل ألفا، والصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه إلى الخلق، وجعل صاحب المفتاح: لتكثير الفائدة، ولك أن تجعله لضيق المقام، لكمال توجع المتكلم وتحزنه.
قال صاحب المفتاح (١): وقد يكون حذف المسند بناء على أن ذكره يخرج الكلام إلى ما ليس بمراد، كقولك: أزيد عندك أم عمرو؟ فإنك لو قلت: أم عندك عمرو، تصير أم منقطعة، ويتجه عليه أن هذا لا يقتضي الحذف؛