الحذف فيما يغني عنها قلة الحذف، وللتنبيه على أن الداعي إلى تقدير المسند قد يكون غير بقاء المسند إليه بلا مسند هو هنا حرف الشرط؛ إذ لولاه لكان الكلام أنتم تملكون، كما زعم الكوفيون، مع وجوده، وللرد عليهم، وللاستشهاد بالقرآن، وقدمه على قوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ (١) تقديما للمنصوص على المحتمل، وللتنبيه على الحذف الواجب بعد الجائز؛ ولأن الداعي إلى الحذف فيه يخالف الدواعي المتقدمة، إذ الباعث فيه تحصيل الإبهام أولا، ثم التفسير؛ ليتمكن في النفس فضل تمكن، وللإتيان بما فيه غرابة تسر الناظرين، وهو تحصيل مزيد التمكن من حذف الدال، وإبراز ما هو في غاية النفع في صورة البعث إذا أول ما يبدو للناظر أن المتكلم عابث في حذف المسند، ثم الإتيان به مع زيادة هو المسند إليه، ثم يلوح عليه أنه في غاية الإفادة، فيحلو المتكلم في عينيه كالتاجر يأتي بالأشياء في غير صورها، فاحفظ هاتين النكتتين، فإنهما من البدائع. قال الشارح:
الغرض من الحذف الاحتراز عن العبث إذ المقصود من الإتيان بهذا الظاهر تفسير المقدر، فلو أظهرته لم يحتج إليه.
أقول أولا: فليكن هذا أيضا موجبا؛ لإيراد هذا المثال، فإن العبث فيما سبق كان نفس المسند، وهنا ما ذكر للتفسير، وثانيا: أن ما ذكره ينافي ما ذكره المصنف في الإيضاح: أن التقدير لو تملكون تملكون، على أن التكرير للتأكيد فليس ذكر المفسر المؤكد عبثا، لأن فيه فائدة التأكيد، لكن الحق أن أصل التركيب: لو تملكون لما حذف تملك بقي أنتم، ففسر بتملكون، فلو ذكر المحذوف لكان التفسير عبثا، وهو المسطور في كتب النحو، ولا حاجة إلى تقييد هذا العبث بقيد بحسب الظاهر؛ لأنه عبث صرف، وهذا- أيضا- من أسباب إيراد هذا المثال.
قال الزمخشري: هذا ما يقتضيه علم الإعراب، وأما ما يقتضيه علم البيان، فهو أن: أنتم تملكون: فيه دلالة على الاختصاص، وأن الناشئ هم المختصون بالشيخ المتبالغ؛ لأن الفعل الأول لما سقط لأجل المفسر برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر يعني: كما أن: أنا سعيت في حاجتك، وهو المبتدأ، وخبره يفيد